حامل اللواء في المعركتين هو الصحابي ( سفير الإسلام الأول ) مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار رضي الله عنه .
- واللواء: راية المسلمين والدولة الإسلامية - وكان لواء المسلمين أبيض مصنوع من الصوف ومكتوب عليه (لا إله إلا الله محمد رسول الله) حيث كان يرمز إلى الإسلام ودولة الإسلام التي كان مقرها المدينة المنورة.
- وذكر إبن القيم في زاد المعاد: أن اللواء كان مع مصعب بن عمير / وأنه كانت هناك راياتان راية للمهاجرين يحملها علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وراية للأنصار يحملها سعد بن معاذ رضي الله عنه .
- وكان مصعب بن عمير رضي الله تعالى عنه من السابقين إلى الإسلام، وهو أول سفير في الإسلام، وأول من صلى الجمعة في المدينة المنورة، وقد شهد بدراً وأحداً، وأكرمه الله عز وجل بالشهادة في غزوة أحد وكان حاملاً للواء المسلمين في المعركتين.
- وهو من الذين ينطبق عليهم شراء الآخرة بالدنيا، وترك النعيم الذي كان يتمتع به في الدنيا - فقد كان من أغنى شباب مكة - ليحظى بنعيم الآخرة.
- ففي معركة بدر الكبرى والتي انتصر فيها المسلمون على قريش، حَمَل اللّواء مصعب بن عمير رضي الله عنه، وكان يُقاتل بهمّةٍ وشجاعة وإقدام ورجولة دفاعاً عن عقيدته، وعن اللّواء الذي كان يحمله.
- وكان سبب اختياره من قبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- لهذه المهمّة الكبيرة لسببين : 1- لأنَّه يتمتع بصفات كثيرة منها (الثبات والصّدق، والشجاعة في القتال، والفطنة والذكاء والحكمة، وحسن التصرف في المواقف الصعبة ) .
2- من باب الوفاء لمصعب بن عمير الذي ضحى بغناه وجاهه من أجل هذا الدين، وهو الذي كان من أغنى شباب مكة المكرمة، حتى أنه يروى أنه إذا مشى في الطريق عرفه الناس من شده رائحة عطره ولباسه وظهور العز والجاه عليه .
- فلما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- وفاء المشركين لطلحة بن عثمان العبدري في حمل لوائهم لأن قومه (عبد الدار) كانوا يحملون اللواء في الجاهلية.
- فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : إنّ المسلمين أحقّ بهذا الوفاء، وأعطى اللّواء لمصعب بن عمير تكريماً له!!
- أما في معركة أحد : فقد حمل الواء كذلك مصعب بن عمير بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ثابتاً قوياً في وسط الميدان رغم هزيمة المسلمين فيها!! فأقبل إليه المشرك ابن قميئة فضرب يده اليمنى فقطعها ومصعب يقول: ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ) سورة آل عمران: 144.
- ثم أخذ اللواء بيده اليسرى وحنا عليه فضربها فقطعها، فحنا على اللواء وضمه بعضديه إلى صدره وهو يقول: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} ثم حمل عليه الثالثة بالرمح فانفذه".
- والذي جعل إبن قميئة يصر على قتله لأنه كان يظنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لشبهه به !!
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف من أحد مرَّ على مصعب بن عمير وهو مقتول على طريقه، فوقف عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له ثم قرأ هذه الآية: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} (الأحزاب: 23)، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشهد أن هؤلاء شهداء عند الله يوم القيامة فأتوهم وزروهم، والذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه) رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.