ماذا يعني لك البيت والحي والوطن؟

1 إجابات
profile/تسنيم-شلبي
تسنيم شلبي
الكيمياء
.
٢١ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 المنزل هو ذلك المكان الذي من المؤكد أني سأعود له في نهاية كل يوم، تلك الكنبة المريحة، والسرير الدافئ، ودعوات الأم التي تحُيطني كل صباح ومساء، والدعم الدائم من الأب في أي طريق أسلكه.
المنزل هو المكان الآمن، الذي يحتويني مهما حصل، وأنا أعلم أنه لن يختفي فجأة، هو ذلك الكوب الأبيض الكبير الممتلئ في القهوة والذي لن أتمكن من الاستمتاع به لوحدي أبدًا (إن كنت تملك أخوة أنت تفهم قصدي)، هو الأحاديث المسائية التي يتخللها الكثير من الضحك والبوح في أسرار خطيرة في داخل أسرّتنا.

هو أطفال العائلة وهم يركضون نحوي عندما أراهم طلبًا للحب والاهتمام، والهدايا والسكاكر، وبمجرد الحصول عليها لن يعود لي أي أهمية بالنسبة لهم - المُضحك المُبكي-، هو الجلسات المسائية في الهواء الطلق واستذكار أحداث الطفولة والضحك عليها حتى لو أبكتنا يومًا ما.
هو المكان الذي يتقبلني كما أنا ولا يفرض أي قيود على شخصيتي وتصرفاتي حتى لو كانت مزعجة، هو علبة العصير الباردة التي تختفي من الثلاجة بشكل مُفاجئ، (ربما دخل راكون وشربها)، هو الأشخاص الذين تحصل مشكلة بيني وبينهم الساعة الثانية ظهرًا، ويقسم جميعنا أن لن نتكلم معًا مرة أخرى، وفي الساعة الرابعة تجدنا جالسين حول مائدة الطعام ونتحدث ونلهو معًا.
هو العائلة والوطن، ولا أرى شيئًا في هذه الدُنيا قد يكون أجمل من المنزل.


أما الحي هو الطفولة والشباب، هو التسكّع مع أصدقاء المدرسة بعد انتهاء الدوام المدرسي في ساحات الحي دون خوف أو قلق؛ لأننا جميعًا أصدقاء في المدرسة وجيران في الحي، وعائلاتنا تعرف بعضها لذا لا داعي للقلق.

هو ارتداء الملابس الجديدة في صباح يوم العيد والذهاب لبيوت الجيران لنتمنى لهم أعيادًا سعيدة - ولنحصل على الحلوة والمال حتى لو لم نبدي اهتمامًا كبيرًا حين نأخذها-، ومن ثم الانطلاق للعب في ساحات الحي وتبادل الهدايا ما بيننا - كانت تجارة رابحة-، ومن ثم الحصول على التوبيخ من أهالينا عند عودتنا للمنزل بسبب الحال الرثة التي نعود بها.

هو ذلك الجار دائم الامتعاض الذي لا يسمح لنا اللعب أمام منزله، ويصرخ بنا كثيرًا - بعد أن كبرت تفهمّت ذلك الجار، وأتوقع مع التقدم في العمر أن أصبح أنا ذلك الجار-، هو تلك السيدة الكبيرة التي تجلس في باب الحي دائمًا مع عكّازها وتجري الحوارات مع جميع الأفراد، وتدعو لهم الكثير من الدعوات.
هو ذلك الطفل الذي لا يسمح له أهله في الخروج من المنزل؛ لذا نضطر لتحديد مواعيد لعب في منازلنا حتى نلعب معه، هو صحون الطعام التي تجوب بيوت الحي كاملًا في وقت الإفطار في رمضان.
مهما ابتعدت يبقى للحي ذكرى كبيرة في قلبي، وله تأثيره الواضح في شخصيتي وفي ذكرياتي.

والوطن يا عزيزي، هو الأمان والاطمئنان، هو الفخر في المكان الذي أتيت منه، وأقولها بثقة في أي مكان أنا من الأردن وفلسطين، كلاهما وطن واحد وكلاهما وطني، أحدهما عشت جميع مراحل حياتي به، والآخر في قلبي مهما حييت. 
الوطن هو المكان الذي سأعود له في النهاية مهما ابتعدت عنه، هو ذلك المكان الذي أجد نفسي مشتاقة له بمجرد التفكير بأن أخرج منه، ولا أعتقد أنه بإمكاني مغادرته حتى لو أتيحت لي فرصة أفضل. 

الوطن تشعر أنه شيء يجري معك وفي دمك، ولا يمكنني إنكاره مهما حصل، هو تلك الثقافة والدين المحفور في داخلي وشخصيتي، هو معرفة الشوارع والبيوت. 
هو الاستقرار، والبداية، والنهاية، هو الراحة ومعرفة أن غدًا سوف يكون أجمل، هو التضحية في سبيل المجتمع والوطن دون تردد، والجميل في الوطن هو أنّك لا تختاره؛ بل تجد نفسك متورطًا به بشكل مفاجئ - متورطًا به بصورة إيجابية-. 
الوطن هو الماضي، والحاضر، والمستقبل، وأنا على قناعة تامة أن لا شخص في هذه الحياة قد يملك وطنان؛ هو وطن واحد فقط لا غير الذي تجد نفسك في نهاية المطاف منتميًا له بكل جوارحك، وتجده يُمثل هويتك، وعلى استعداد تام للتضحية بكل ما تملك لأجل سلامته حتى لم يحقق متطلباتك.



  • مستخدم مجهول
قام 1 شخص بتأييد الإجابة