كانَ انتهى الحُب الذي بينَهم، وانطفئت مشاعرُ العشقِ والهيامِ والشوق، ولم يعدْ قيس مجنونٌ بليلى، ولم تعد ليلى متيمةٌ بقيس، بل أن قيساً ما عاد ينظمُ الشِعرَ الغزليّ، ولا التغني بمحبوبتِهِ ليلى.
قد يمتلئُ بيتَ الشَعرِ بأصواتِ الشِجار، وكأنّ الحُب مقروناً بالحرمان؛ فهو مَن يولد مشاعرَ الشوقِ والعذاب، ويجعلَ الروحَ معلقةٌ بالمحبوبِ، والنفسُ لا تهدأَ إلا برؤيةِ الحبيبِ، يقولُ قيسُ بن الملوح: "وقالوا لو تشاء سلوت عنها.. فقلتُ لهمْ فإنِّي لا أشَاءُ.. وكيف وحبُّها عَلِقٌ بقلْبي.. كما عَلِقَتْ بِأرْشِيَة ٍدِلاء".
سيكتَشِفُ قيسُ أن ليلى إنسانةٌ عاديةٌ لا تختلف عن كلّ النساء، وقد ترى ليلى أن قيساً رجلٌ كباقي الرجال، وقد تجِدهُ أقلَ ميزةً عنهم، برأيي أن الزواجَ هو مقبرةُ الحب.
بالمقابل لا يوجد أسهلَ من الكلامِ، فالذي يده بالنارِ ليس مثل الذي يدهُ بالماء، كم من عشاق كانت أمنيتهم الزواج لكن القدرَ حال دون ذلك، ويقال: "أن الخيرة فيما اختاره الله"، بالنهاية الزواجُ مؤسسة يجب النظرُ إليها من منظورٍ مختلف، يجب أن يؤسسُها شخصان قادران على التفاهمِ والتعاونِ لبناءِ أسرةٌ ناجحةٌ ومتحابةٌ.
الحبُ ليسَ كلَّ شيء، إنّ التوافقَ أهم، وتقاربُ الأفكار، وتناسبُ المستوى الثقافيّ والاجتماعيّ والماديّ، لذلك على كل من يرغبِ بهذهِ الخطوةِ أن يدرسها بشكل صحيح بعيدا عن العواطفِ، بل عليه أن يحكمَ عقلهُ، وفي حال كان هنالك توافقٌ بين القلبِ والعقلِ لا بأس، فلا أجملَ من أنّ تكللَ مشاعرَ الحب بالزواجِ، وتحقيقِ هذهِ الأمنيةُ السعيدة.