بعد أن تم غرق قوم فرعون وإخراجهم من مصر، فقد عاد إليها موسى عليه الصلاة والسلام ومن معه لفترة معينة، ثم ساروا مواصلين سيرهم إلى الأرض المقدسة (فلسطين) والتي أمرهم موسى عليه الصلاة والسلام بدخولها، وهذا ما سطره القرآن الكريم في قوله تعالى: ( وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ﴾ [الأعراف: 137])
- وقد ورد ذكر وراثة قوم فرعون في القرآن في موضعين :
-الموضع الأول: وقد ذكر الله تعالى أن أموال فرعون وقومه وكنزوهم قد ورثها بنو إسرائيل - قال الله تعالى: ﴿ فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [سورة الشعراء: 57 - 59].
- فالآية الكريمة تثبت أن الذي ورث قوم فرعون هم بنو إسرائيل وهذا صحيح وهو الذي حصل بالفعل.
-الموضع الثاني: قال سبحانه وتعالى: ﴿ كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ﴾ [سورة الدخان: 25 - 28].
- وهذه الآية تثبت كذلك أن ورثة فرعون وقومه كانوا قوماً آخرين ولم يسميهم تبارك وتعالى.
- والسؤال : هل هناك تعارض بين الآيتين ؟
الإجابة :
1- لا / فلا يوجد في القرآن الكريم تعارض ولا تناقض بين سوره وآياته.
- قال بعض المفسرين أن بنو إسرائيل المذكورين في الآية الأولى هم أنفسهم القوم الآخرين الذين ذكرهم الله تعالى في الآية الثانية.
وقال طنطاوي: (لا مانع من عودة الضمير في قوله تعالى: ﴿ وَأَوْرَثْنَاهَا ﴾ إلى الجنات والعيون والكنوز التي أخرج الله تعالى منها فرعون وقومه، بأن عاد موسى ومن معه إلى مصر- لفترة معينة- بعد هلاك فرعون وملئه، ثم خرجوا منها بعد ذلك مواصلين سيرهم إلى الأرض المقدسة، التي أمرهم موسى عليه السلام بدخولها) التفسير الوسيط لطنطاوي (10/ 251).
2- وكما نعلم فإن قارون كان من قوم فرعون فلعل كنوز قارون التي أخبرنا الله في القرآن عن كثرتها هي مما ورثه قارون من قوم فرعون بعد غرقهم، ولا يوجد دليل قاطع على أن خسف الله لقارون وداره وأمواله كان قبل إغراق فرعون، كما لا يوجد دليل قاطع على أن موسى ومن معه بعد غرق فرعون توجهوا مباشرة إلى أرض الشام وحصل لهم التيه في أرض سيناء،
- وما قصّه الله علينا في القرآن عن قارون أنه كان من قوم موسى عليه السلام وأنه كان يملك الكنوز العظيمة يؤيد هذا القول، بل ظاهر سياق القرآن أن بني إسرائيل بعد غرق فرعون أنزلهم الله منازل طيبة، قال سبحانه: ﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ * آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ * وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ﴾ [يونس: 90 - 93]،
3- وذهب فريق آخر من المفسرين إلى أن القوم الآخرين غير بني إسرائيل، وأن بني إسرائيل لم يرثوا ملك فرعون في مصر ولكنهم ورثوا ملكا مثله في أرض الشام، والمقصود نوع الملك الذي زال عن فرعون وملئه وورثه بنو إسرائيل.
4- ولعل المقصود بالتوريث ليس شرطاً أن يكون مباشرة بل لعله كان بعد مدة طويلة من الدهر.
5- وذهب محمد رشيد رضا ورجحه جماعة من علماء مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر إلى أن المعنى أن بني إسرائيل ورثوا ملك فرعون في أرض الشام؛ لأن الشام كانت تابعة لمصر في عهد فرعون. ينظر: تفسير المنار لمحمد رشيد رضا (9/ 86)، التفسير الوسيط لجماعة من العماء بإشراف مجمع البحوث بالأزهر (9/ 856).
6- وقال ابن عاشور: (وقيل: ضمير ﴿ أَوْرَثْنَاهَا ﴾ عائد إلى خصوص الكنوز؛ لأن بني إسرائيل استعاروا ليلة خروجهم من جيرانهم المصريين مصوغهم من ذهب وفضة وخرجوا به كما تقدم في سورة طه [يعني في قوله تعالى: ﴿ حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا ﴾ [طه: 87]) التحرير والتنوير لابن عاشور (19/ 134).
7- وقال ابن عجيبة: (التحقيق أنهم ملكوا التصرف في مصر، ووصلت حكومتهم إليها، ولم يرجعوا إليها، والله تعالى أعلم) البحر المديد لابن عجيبة (4/ 137). وينظر: روح المعاني للألوسي (13/ 122).
8- ولا يمنع أن يكون بعض الذين خرجوا مع موسى رجعوا إلى مصر بعد غرق فرعون فورثوا أموالهم، وقد نقل هذا الاحتمال الألوسي عن بعض العلماء ولم يسمه، وإن صح هذا فقد يكون الذين رجعوا إلى مصر هم الذين قال لهم موسى: ﴿ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 61] على القول بأن المراد بمصر بلاد فرعون كما نقله ابن جرير عن بعض السلف، والله أعلم. وينظر: تفسير ابن جرير (2/ 23)، روح المعاني للألوسي (10/ 83).
-وكان سبب إهلاك فرعون وجنده بالغرق جزاء لهم على كفرهم وتجبرهم في الأرض، ففرعون هو الوحيد الذي ادعى الألوهية بل أنكر أن يكون هناك إله غيره فقال : (ما أريكم من إله غيري)!!
- فأرسل الله موسى عليه السلام إلى فرعون و قومه يدعوهم لعبادة الله وحده و أيد الله موسى ببعض المعجزات منها العصا التي تحولت بأمر الله إلى حيه تسعى وابتلعت كل الحبال و العصي الخاصة بسحرة فرعون فآمن السحرة بموسى فقرر فرعون على قتل موسى ومن آمن معه ففر موسى و معه من آمن به تجاه البحر ولحق بهم فرعون و جنده وعندما وصل موسى البحر إنشق البحر نصفين و سار موسى و من معه في البحر و لحقه فرعون وجنده وعندما خرج موسى من البحر أطبق الله البحر على فرعون و جنده فغرقوا جميعا.
- المصدر :
https://www.amrkhaled.net/Story