ماذا تعني ما نقص مال من صدقة؟

هذه العبارة القوية الحقيقية الصادرة عن خير البرية الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى جاءت لتثبّت في قلوبنا اليقين بأنَّ الله تعالى يبارك في مال المتصدقين وأن الصدقة التي بذلتها لله تعالى سترجع إليك أضعافا مضافعة من حيث تدري ومن حيث لا تحتسب ولا تدري. 
لأن الله تعالى يقول في كتابه الكريم تصديقا لهذه العبارة من كلام سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين:{وما أنفقتم من شيءٍ فهو يُخلفُه وهو خير الرازقين}.
فكل ما تنفقهُ خالصاً لوجه الله يأتيك من مثله بطرق مختلفة قد تكون في هيئة شفاء وعافية أو علوم ومعرفة أو رزق مادي أو معنوي أو راحة وسكينة وسعادة تجدها في قلبك.
لذلك أنفِق في سبيل ربك ولا تبخل بالمنع على نفسك ولا تخشَ فقرا حتى لو أعطيت كل ما عندك فإن الله تعالى يُضاعف العطاء لأهله ويجازي بالإحسان أهله.   

يقول ربنا جل وعلا في الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( قال الله : أَنْفِق يا ابن آدم أُنْفِق عليك ) رواه البخاري ومسلم فالمسلم العاقل والمسلمة العاقلة هو الذي يعلم ان المال هو ظل زائل ويعلم علم اليقين ان الدنيا مهما طالت فهي قصيرة ومهما عظمت فهي حقيرة فكم من اناس من الله عليهم بالمال فبخلو واستغنو فماذا كانت النتيجة (( وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ))
انما الصنف الاول (( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى ))سيسر الله اموره وسيرزقه الله اضعافا مضاعفة صحة ، وايمانا ، ومالا ، وسعة في الرزق وانشراح في الصدر وبركة في الاموال وبركة في الاهل والذرية وسينفق الله عليه من حيث لايدري ولا يحتسب 
فالتوكل على الله في كل الامور لسوف يرزق المرء كما يرزق الطير .

حديثه عليه الصلاة والسلام :"ما نقص مال من صدقة".

أي أن أي مال يتم التصدق به لا يعتبر أنه نقص بل زاد لأنه يدخر له في الآخرة حيث أن هذا يضاعف أجره الحسنة بعشر أمثالها قال تعالى:"مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء".

وقوله عليه الصلاة والسلام لعائشة حين وزعوا ذبيحة :"كم بقي منها قالت لم يبق الا كتفها فقال لها: بل بقي كلها الا كتفها".

أحب أن أفسّر هذا بحديثين عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بحيث تكتمل الصورة تماماً في الإنفاق ، حيث كان يردد رسول الله لبلال بن رباح فيقول " أنفق بلالاً ولا تخشَ من ذي العرش إقلالاً " ، وحديث آخر دار بين الرسول عليه السلام وعائشة رضي الله عنها حينما تصدقت بكل الذبيحة وتركت الكتف لرسول الله .. فقالت له " ذهبت كلها وبقيت الكتف " ، فقال لها مصحّحاً " بقيت كلها وذهبت الكتف " 

قال الله تبارك و تعالى قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ معنى الآية الكريمة يفسر و يشرح قول رسول الله ( ما نقص مال من صدقة ) فإن الله يبارك في المال الذي يخرج زكاته و صدقاته و خير دليل على ذلك قصة أصحاب الجنة التي وردت في سورة القلم حيث كان سبب بركة الأرض و الزرع و المال بسبب صدقات والد الفتية فلما عزموا على من الصدقات ذهب مالهم و رزقهم

"ما نقصَ مالُ من صدقة" عبارة نسمعها كثيراً حينما يرتداد المخوَّلون بجمع التبرعات أمام المسجد أو أي مكان لحصد الأموال لأغراض دينية أو إنسانية بحتة.

وفي القول السابق صيغة مبالغة عن أهمية ما يمكن أن يجنيه الشخص من أثر التبرع كذلك عبارة اطمئنان وتحفيز للقيام بالتبرع وشَحذ للهِمَم للإنفاق.

ما نقص مال من صدقة تعني أن الله يبارك في أموال للمنفق في سبيل الله الذي يتصدق في السراء والضراء.
ولا يعتقد أحدكم أنه إذا أنفق مالا في سبيل الله عز وجل فإنه ينقص وإنما يدخره له الله جل وعلا ويرزقه أضعاف ما أنفق .
والإنفاق في سبيل الله عز وجل عبادة يتقرب فيها المسلم إلى الله عز وجل فإن الصدقة تطفئ غضب الرب وتداوي الأنفس العليلة.