ما هي نماذج خلق الحلم من حياة صحابة رسول الله رضوان الله تعالى عليهم

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
الفقه وأصوله
.
٢٦ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
من أهم نماذج الحلم في حياة الصحابة رضي الله عنهم ما فعله أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع ابن خالته مسطح بن أثاثة رضي الله عنه.

فقد كان مسطح ابن خالة أبي بكر بدرياً - يعني شهد بدراً- وكان فقيراً وكان أبو بكر ينفق عليه ويعطف عليه لقرابته وفقره في الوقت نفسه، ولكن لم حصلت فتنة الإفك في غزوة بني المصطلق كان مسطح ممن خاض فيها وخاض في عرض عائشة رضي الله عنها.

فلما رمى عبد الله بن أبي بن سلول عليه من الله ما يستحق بالفاحشة - حاشاها رضي الله عنها - مع الصحابي الجليل صفوان بن المعطل رضي الله عنه، وأخذ المنافقون ينفخون في هذه الشائعة ويضخمون هذه الكذبة ليؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، تلقفها بعض المسلمين واستعجلوا دون بينة وخاضوا في عرض عائشة رضي الله عنها وتكلموا فيها، وكان من ضمن من تكلم مسطح بن أثاثة رضي الله عنه، رغم أن عائشة هي بنت خاله وبنت المحسن المنفق عليه أبي بكر!

فلما نزل القرآن ببراءة عائشة رضي الله عنها وبيان كذب المنافقين وأن هذا من الإفك والكذب، وبيان خطأ من تكلم في عرض عائشة وخاض دون بينة أو دليل مقبول عند الله، كان مسطح من ضمن من جلدوا حد القذف بثمانين جلدة.

فغضب أبو بكر رضي الله عنه من فعل مسطح وكيف قابل إحسانه إليه بالإساءة ومعاجلة الوقع في عرض عائشة رضي الله عنها وقال: "والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا، ولا أنفعه بنفع أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال، وأدخل عليها ما أدخل"!

فأنزل الله قوله في سورة النور (وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (22).

"فقال أبو بكر: والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجَّع إلى مسطح نفقته التي كان يُنْفِق عليه، وقال: والله لا أنـزعها منه أبدا.".

فانظر كيف كانت سرعة فيئة أبي بكر وعفوه عن قريبه رغم عظيم فعله وذلك ابتغاء مغفرة الله وعفوه.
 
ومن حلم عمر بن الخطاب رضي الله ما فعله مع عيينة بن حصين الفزاري في القصة الطويلة التي رواها البخاري لما دخل على عمر واتهمه بالظلم والبخل قائلاً: هِيْ يا ابْنَ الخَطَّابِ، فَوَاللَّهِ ما تُعْطِينَا الجَزْلَ ولَا تَحْكُمُ بيْنَنَا بالعَدْلِ!
فغضِبَ عُمَرُ حتَّى هَمَّ أن يعاقبه، فَقالَ له الحُرُّ بن قيس وهو ابن أخ عيينة ومن أهل مشاورة عمر:" يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: {خُذِ العَفْوَ وأْمُرْ بالعُرْفِ وأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ}، وإنَّ هذا مِنَ الجَاهِلِينَ، واللَّهِ ما جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلَاهَا عليه، وكانَ وقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ".

والله أعلم