نصيحتي له أهلا بك في باب التوبة : فالباب مفتوح والفرصة لا زالت موجودة ما دمت على قيد الحياة ، وإذا كنت صادقاً أبشر بتوبة الله عليك فالله تعالى يغفر كل الذنوب إلا أن يشرك به .
- قال الله تعالى : (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) سورة الزمر (53)
- وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إنَّ اللهَ تعالى يَبسطُ يدَهُ بالليلِ ليتوبَ مُسِيءُ النهارِ ، ويبسُطُ يدَهُ بالنَّهارِ ليتوبَ مُسِيءُ الليلِ ، حتى تطلُعَ الشمسُ من مغرِبِها) رواه مسلم .
- وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم كذلك أنه قال : (لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ) متفق عليه .
- وأجمل القصص في هذا الموضوع قصة الرجل الذي قتل ( مائة نفس ) ثم تاب وتاب الله عليه .
-فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا ، فسأل عن أعلم أهل الأرض ، فدُلَّ على راهب ، فأتاه فقال : إنه قتل تسعة وتسعين نفسا ، فهل له من توبة ، فقال : لا ، فقتله فكمل به مائة ، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض ، فدُلَّ على رجل عالم ، فقال : إنه قتل مائة نفس ، فهل له من توبة، فقال : نعم ، ومن يحول بينه وبين التوبة ، انطلق إلى أرض كذا وكذا ، فإن بها أناسا يعبدون الله ، فاعبد الله معهم ، ولا ترجع إلى أرضك ، فإنها أرض سوء ، فانطلق حتى إذا نصَفَ الطريق أتاه الموت ، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، فقالت ملائكة الرحمة : جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله ، وقالت ملائكة العذاب : إنه لم يعمل خيرا قط ، فأتاهم ملَكٌ في صورة آدمي ، فجعلوه بينهم ، فقال : قيسوا ما بين الأرضين ، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له ، فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد ، فقبضته ملائكة الرحمة . قال قتادة : فقال الحسن : ذُكِرَ لنا أنه لما أتاه الموت نأى بصدره) أخرجه مسلم .
فما دام إنك تسعى إلى التوبه فأعلم أن الله يحبك ويريد أن يدخلك جناته . فالله تعالى إن أحب إنسان عجل له توبته في الدنيا وهذا يدل على إحسان الله وفضله جل وعلا وأنه سبحانه يحب لعباده أن يرجعوا يتوبوا إليه وأن يستقيموا على طاعته وعباداته حتى يفوزوا بالجنة ونعيمها.
- ومن كرم الله تعالى على التائب أنه يمحو عنه جميع ذنوبه ، بل ويبدلها حسنات !!! ولكن حتى تكون التوبة مقبولة لا بد من توفر شروطها كاملة وهي :
1- النية الصادقة والخالصة لوجه الله تعالى في التوبة .
2- الإقلاع عن الذنوب فوراً .
3- الندم الشديد على فعل المعاصي والذنوب .
4- العزم الأكيد على عدم العودة للذنوب والمعاصي مستقبلاً .
5- رد المظالم إلى أهلها إن وجدت .
6- العمل الصالح الذي يثبت صدق التوبة .