الدعوة إلى الله من أحسن الأعمال والأقوال وهي وظيفة كل مسلم بعد إصلاح نفسه، فالله لم يأمرنا أن نكون صالحين فقط بل أمرنا أن نكون مصلحين، وقال ( إنا لا نضيع أجر المصلحين).
وقد شهد الله أنه لا أحسن قولاً من قول من دعا إلى الله حيث قال: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾[فُصِّلَت:33].
وهذه فضيلة أولى وأنعم بها من فضيلة أن الداعي إلى الله هو أحسن قولاً .
الفضيلة الثانية للدعوة إلى الله أن صاحبها أشبه الأنبياء وخلفهم في مهمتهم وواجبهم في الدعوة إلى الله ،فالأنبياء كانوا هم أصحاب الدعوة في الأصل وكانت الأمم السابقة كلما ذهب نبي جاءها آخر ، أما أمتنا فلا نبي بعد محمد عليه السلام ، وإنما وظيفته انتقلت لأمته من بعده ، فمن دعا إلى الله فقد قام على مهمة النبي من بعده.
الفضيلة الثالثة أن في بقاء الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقاء لخيرية هذه الأمة ، لأن خيريتها في قيامها بهذه المهمة كما قال تعالى ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾[آل عمران:110].
الفضيلة الرابعة : أن في الدعوة إلى الله والنهي عن المنكر أمان للقائم بهذه المهمة من استحقاق العذاب إن أراد الله عذاب اهل معصية معينة.
جاء في قصة أهل السبت بعد أن ذكر سبحانه انقسام أهل القرية إلى ثلاث فرق : عصاة ، وآمرين بالمعروف وساكتين عن العصاة ، قال تعالى (فأنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين بعذاب بئيس ..)، وسكت عن الساكتين إهمالاً لهم.
الفضيلة الخامسة: وفيه أمان للأمة كلها ببقاء طائفة منها تدعو إلى المعروف وتنهى عن المنكر، لإن بفقدان ذلك تستحق الأمة اللعنة.
جاء في الحديث " «مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ، وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِم نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا ".
الفضيلة السادسة : الدعوة إلى الله تعالى من أسباب النصر على الأعداء، والتمكين في الأرض:قال الله تعالى: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾[الحج:40 - 41].
والله أعلم