فضل الهداية ومعناها :
الهداية هي أعظم نعمة ينالها العبد في هذه الدنيا ، ويجب أن تكون أعظم مقصود للعبد ، وأن يجعل فكره وهمه وشغله هو في الوصول إلى هذه الهداية .
والدليل على ذلك أن الله أمرنا أن نسأله الهداية في كل ركعة من ركعاتنا في اليوم فأوجب علينا قراءة سورة الفاتحة والتي أوسطها ( اهدنا الصراط المستقيم ) .
فهذه السورة التي هي أعظم سور القرآن زبدتها هي سؤال الله الهداية .
والهداية المقصودة في هذا الباب معناها : أن تهتدي إلى أداء الوظيفة التي خلقت من أجلها وهي توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له ، وأن تفوز في الآخرة بالجنة وتنجو من النار ، فمن قام بهذه الوظيفة وهي التوحيد وسلك السبيل الذي يوصله إلى الجنة ويباعده عن النار فهو المهتدي .
علامات الهداية :
وبناءً على فهم الهداية المقصودة تستطيع أن تعلم علامات الهداية ، وكيف يعرف العبد أنه مهتد :
حيث يمكن أن نجمع ذلك في عبارة واحدة : وهي ما سبق من أنه إذا وجدت نفسك مقبلاً على توحيد الله والإيمان به ومحبته ، قائماً بالواجبات والفرائض معتنياً بالسنن والمستحبات ، مجتنباً للشرك وأهله ، ومبتعداً عن الكبائر ، تائباً من الصغائر ، فهذا كله دليل أنك على طريق الهداية إن شاء الله .
ثم بعد هذه العبارة الجامعة يمكن أن نذكر بعض العلامات التفصيلية ومنها :
1. إذا وجدت في قلبك اعتناءً وفي عقلك شغلاً في الاهتمام به المسألة فاعلم أن الله أراد بك خيراً حيث شغلك بما ينفعك ، فأنت على طريق الهداية .
2. إذا وجدت قلبك ينشرح ويرتاح إلى توحيد الله وذكره والإيمان به فاعلم أنك مهتد ، لأن الله قال ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) ، فالإنسان المهتدي تجده مطمئناً ساكناً من هذه الناحية .
3. إذا وجدت نفسك تطاوعك على الطاعة وتتشجع عليها فاعلم أنك مهتدٍ.
4. إذا وجدت نفسك تندم على ما وقع منها من ذنوب ومعاصٍ تتوب منها ، فاعلم أنك على طريق الهداية .
5. إذا كنت تكثر من دعاء الله الهداية وتسأله إياها بصدق وتجرد فاعلم أن هذا من أسباب الهداية ومن أدلة إرادة الله الخير والهداية لك .
6. إذا كنت حريصاً على طاعة الله ورسوله والمؤمنين وموالاتهم ، مبغضاً للشرك والكفر بريئاً منهم فاعلم أنك مهتدٍ .
ثم عليك أن تعلم أن الهداية درجات والضلال دركات :
فأعلى درجات الهداية أن تكون من المحسنين وأدناها أن تكون من المسلمين الذين عندهم أصل التوحيد وإن كانوا خلطوا ذلك بمعاص وآثام وكبائر .
وأدنى دركات الضلال هو الشرك والكفر بالله تعالى وأخف منها البدعة وأخف من البدعة المعصية .
أما قولك هل هي محصورة على طالب الهداية دون غيره :
فالجواب : أن الهداية في حقيقتها نعمة من الله وفضل يتفضل بها على من علمه أهلاً مستحقاً لها ، بما علم الله فيه من حرصه على الحق وطلبه الهداية بتجرد وصدق وإخلاص ، وأنه يقدر هذه النعمة وقوم بحقها ويشكرها ، بخلاف من كان معانداً جاجداً همه شهواته وأهواؤه .
فطلب الهداية هو سبب من أسباب نيل الهداية ، وقد يعطيها الله لعبد في لحظة صدق وصفاء تحدث له ، ويعلم الله أن هذا العبد أهل لها ، وإن لم يكن سبق له كثير بحث وتنقيب ، لحكمة علمها الله .
وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.