الشبهة من جانبين :
1- أن حروف القرآن جاءت بعد الإسلام.
والرد على هذه الشبهة : أن هذا إفتراء وكذب وجهل ، فإن الحروف العربية قديمة قدم اللغة العربية نفسها ، والعرب وإن كانوا أميين لا يكتبون فإنه كان فيهم من يكتب - على قلتهم - وكان في الصحابة من يكتب القرآن بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وعرفوا في التاريخ الإسلامي بكُتَّاب الوحي، وأول ما جمع المصحف وكتب كاملا في عهد أبي بكر- رضي الله تعالى عنه- ثم نسخه عثمان ووزعه على الأمصار.
2- والشبهة الثانية : أن حركات القرآن الكريم قد كتبت بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
الرد على هذه الشبهة : نعم هذا قول صحيح، فالتشكيل والنقط كتب بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا لا يمس بصدق المصحف؛ لأن الناس كتبوا المصاحف أولا بدون تشكيل ولا نقط؛ لأنهم كانوا عربا أقحاحا لا يلحنون فلما فشا اللحن كتبت المصاحف بالنقط والتشكيل.
- فالفرق بين الكتب السماوية السابقة وبين القرآن الكريم هو الحفظ والتحريف ، فالكتب السماوية السابقة لم يتعهد الله تعالى بحفظها ، لذا قد تم تحريفها ، بينما القرآن الكريم كونه خاتم الكتب السماوية وهو الدين الذي إختاره الله تعالى ليكون مهيمناً على الدين كله ، فقد تعهد الله تعالى بحفظه من التحريف والتبديل ،والنصوص على ذلك كثيرة منها :
- قال الله تعالى :( وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) سورة فصلت ( 41-42)
- قال الله تعالى : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) سورة الحجر: 9
- فقد تكفل الله تعالى بحفظ كتابه ، بستة تأكيدات بقوله تعالى :
1- إنا : هذا تأكيد
2- نحن : وهذا تأكيد
3- نزلنا : وهذا تأكيد
4- وإنا مرة ثانية : وهذا تأكيد
5- له : وهذا تأكيد
6- لحافظون : وهذا تأكيد
- فهذه النصوص تثبت أن القرآن الكريم محفوظ من شياطين الإنس والجن من أن يعبثوا به وفي ألفاظه ومعانيه .
- فالقرآن الكريم محفوظ من التحريف والتزييف والنقص أو الزيادة والتبديل والتغيير أو حتى الخطأ الإملائي - فهو محفوظ في السطور وفي الصدور ، وفي اللوح المحفوظ .
- والقرآن منقول إلينا بالتواتر فالنسخ التي بين أيدينا اليوم هي نفسها التي أنزلها الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم من خلال الوحي جبريل عليه الصلاة والسلام.
- وفي هذا الموضوع يقول شيخ الإسلام غبنتيمية - رحمه الله تعالى - : وَالْقُرْآنُ الْمَنْقُولُ بِالتَّوَاتُرِ لَمْ يَكُنْ الِاعْتِمَادُ فِي نَقْلِهِ عَلَى نُسَخِ الْمَصَاحِفِ، بَلْ الِاعْتِمَادُ عَلَى حِفْظِ أَهْلِ التَّوَاتُرِ لَهُ فِي صُدُورِهِم؛ وَلِهَذَا إِذَا وُجِدَ مُصْحَفٌ يُخَالِفُ حِفْظَ النَّاسِ أَصْلَحُوهُ، وَقَدْ يَكُونُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَصَاحِفِ غَلَطٌ، فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْمَصَاحِفَ الَّتِي كَتَبَهَا الصَّحَابَةُ قَدْ قَيَّدَ النَّاسُ صُورَةَ الْخَطِّ وَرَسْمَهُ، وَصَارَ ذَلِكَ أَيْضًا مَنْقُولًا بِالتَّوَاتُرِ، فَنَقَلُوا بِالتَّوَاتُرِ لَفْظَ الْقُرْآنِ حِفْظًا، وَنَقَلُوا رَسْمَ الْمَصَاحِفِ أَيْضًا بِالتَّوَاتُرِ.
- وعليه : فقد أجمع أهل العلم على أنه من ادعى وجود التحريف في القرآن فهو كافر، ومن قال قولاً يفضي إلى تضليل الأمة فهو كافر.
-