أحاديث النهي عن الوصل صحيحة وقد تلقتها الأمة بالقبول ، وقد ورد في النهي عن الوصل عدة أحاديث منها المتفق عليه عند البخاري ومسلم ، ومنها ما أخرجها غيرهما :
1. فقد روى البخاري ومسلم عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ ).
فهذا الحديث صحيح لا مطعن فيه .
2. ورفي صحيح مسلم عنأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ ، قَالَتْ : جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي ابْنَةً عُرَيِّسًا أَصَابَتْهَا حَصْبَةٌ فَتَمَرَّقَ شَعْرُهَا أَفَأَصِلُهُ ، فَقَالَ : لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ .
3. وفي صحيح مسلم عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، يَقُولُ : زَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَصِلَ الْمَرْأَةُ بِرَأْسِهَا شَيْئًا .
4.وفي صحيح مسلم أيضا عنسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، قَالَ : قَدِمَ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ فَخَطَبَنَا وَأَخْرَجَ كُبَّةً مِنْ شَعَرٍ ، فَقَالَ : مَا كُنْتُ أُرَى أَنَّ أَحَدًا يَفْعَلُهُ إِلَّا الْيَهُودَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلَغَهُ فَسَمَّاهُ الزُّورَ .
والأحاديث في ذلك كثيرة .
ومعنى الوصل ، فكما قال الإمام النووي في شرحه على مسلم :
(وَأَمَّا الْوَاصِلَةُ فَهِيَ الَّتِي تَصِلُ شَعْرَ الْمَرْأَةِ بِشَعْرٍ آخَرَ ، وَالْمُسْتَوْصِلَةُ الَّتِي تَطْلُبُ مَنْ يَفْعَلُ بِهَا ذَلِكَ ، وَيُقَالُ لَهَا : مَوْصُولَةٌ .
وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ صَرِيحَةٌ فِي تَحْرِيمِ الْوَصْلِ ، وَلَعْنِ الْوَاصِلَةِ وَالْمُسْتَوْصِلَةِ مُطْلَقًا ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمُخْتَارُ ، وَقَدْ فَصَّلَهُ أَصْحَابُنَا فَقَالُوا : إِنْ وَصَلَتْ شَعْرَهَا بِشَعْرٍ آدَمِيٍّ فَهُوَ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ ، سَوَاءٌ كَانَ شَعْرَ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ ، وَسَوَاءٌ شَعْرُ الْمُحَرَّمِ وَالزَّوْجِ وَغَيْرِهِمَا بِلَا خِلَافٍ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ ، وَلِأَنَّهُ يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِشَعْرِ الْآدَمِيِّ وَسَائِرِ أَجْزَائِهِ لِكَرَامَتِهِ ، بَلْ يُدْفَنُ شَعْرُهُ وَظُفْرُهُ وَسَائِرُ أَجْزَائِهِ ).
والوصل اتفق العلماء على تحريمه من حيث الأصل ، ولكن في تفاصيل ذلك خلاف وتفاريع.
والله أعلم