عندما حضرت الوفاة للنبي صلى الله عليه وسلم تروي السيدة عائشة رضي الله عنها وتقول:
كنا نتحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يموت حتى يخيَّر بين الدنيا والآخرة قالت:
فلما كان مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي مات فيه عرضت له بحة فسمعته يقول: " مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً " فظننا أنه كان يُخيَّر " رواه البيهقي. وقد ذكره ابن كثير في البداية.
- كما روت السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو صحيح: (أنه لم يقبض نبي حتى يرى مقعده من الجنة، ثم يخير)
- فقالت: فلما نزل برسول الله صلى عليه وسلم ورأسه على فخذي غشي عليه ساعة ثم أفاق فأشخص بصره إلى سقف البيت وقال: " اللهم الرفيق الأعلى " فعرفت أنه الحديث الذي كان حدثناه وهو صحيح، وهو: أنه لم يقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخير. قالت: فقلت إذاً لا يختارنا
- وتروي السيدة عائشة رضي الله عنها وتقول، وجعلت تتغشاه سكرات الموت..وتقول فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول: "لا إله إلا الله إن للموت لسكرات " وكانت فاطمة -رضي الله عنها- إذا رأت منه ذلك قالت: واكرب أباه! فيقول لها صلى الله عليه وسلم: " ليس على أبيك كرب بعد اليوم " رواه البخاري ومسلم
- قال ابن كثير في كتاب البداية: تقول السيدة عائشة رضي الله عنها أن آخر كلمات النبي صلى الله عليه وسلم التي تكلم بها بل الرفيق الأعلى.
وعن السيدة عائشة قالت: أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أمسح وجهه وأدعو له بالشفاء، فقال: "لا. بل الرفيق الأعلى" رواه النسائي.
أما الأحاديث المنتشرة والتي تقول بأن ملك الموت استأذن النبي ليقبض روحه فهي باطله ولا أصل لها
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين ما صحة ما ذكر بأن ملك الموت أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه على شكل أعرابي
فكان جوابه رحمه الله تعالى:
هذا غير صحيح... لم يأته ملك الموت ولم يستأذن منه، بل خطب – صلى الله عليه وسلم – في آخر حياته خطبة وقال: (إن عبدا خيَّره الله تعالى بين الخلد في الدنيا ما شاء الله، وبين لقاء ربه، فاختار لقاء ربه) هكذا قال في آخر حياته، فبكى أبو بكر، فتعجب الناس كيف يبكي أبو بكر من هذه الكلمات، فكان النبي صلى الله عليه وسلم هو المُخيَّر، وكان أبو بكر أعلم الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا الذي ورد، أما أن ملك الموت جاء يستأذنه فهذا غير صحيح
وقد ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله في كتاب البداية والنهاية:
أن الواقدي وغيره قد ذكروا في وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أخبارًا كثيرةً فيها نكارات وغرابة شديدة، أضربنا عن أكثرها صفحا لضعف أسانيدها، ونكارة متونها، ولا سِيَّما ما يورده كثير من القُصَّاص المتأخرين وغيرهم، فكثير منه موضوع لا محالة، وفي الأحاديث الصحيحة والحسنة المروية في الكتب المشهورة غُنيةٌ عن الأكاذيب وما لا يعرف سنده،
والخلاصة بأن جبريل عليه السلام خير النبي صلى الله عليه وسلم في البقاء في الدنيا ولقاء ربه سبحانه وتعالى هو ثابت بأحاديث كثيرة منها ما هو في الصحيحين ومنها ما هو في غيرهما بألفاظ مختلفة.
وأما قول بأن ملك الموت استأذنه في قبض روحه فهو باطل وغير صحيح
والله أعلم.