كلنا نحب المال ونود الحصول على أكبر قدر منه لنقوم بسداد فواتيرنا وشراء الأشياء الجميلة التي نحبها، لذلك نبحث عن طرق للحصول عليه، إلا أن بعضنا يتمكن من تحصيل القليل منه، والبعض الآخر تجده ثريا يمتلك الكثير، رغم أن كلاهما ولد في أسرة متواضعة وعاشوا طفولتهم ظروفا متشابهة، إلا أن عادات معينة جعلتهم يتباينون عند كبرهم في قدرتهم على امتلاك المال بكمية أكبر،وليس هناك أدنى شك بأن الأغنياء استطاعوا أن يثبتوا بأنهم مختلفون عن الباقين من البشر، فهم أصلا يتميزون في طريقة تفكيرهم ورؤيتهم وطموحهم و ردات فعلهم و منهجيتهم ونظرتهم للمال وطريقة تعاملهم معه. وهذا الاختلاف عن باقيالناس ليس بسبب ثرائهم أو امتلاكهم للمال أو تأثيره عليهم، بل بسبب أن لديهم أسلوبهم وطرقهم في التخطيط والإدارة وخلق الفرص المميزة حولهم.
كما انني مقتنعة تماما بأن الإنسان الناجح اقتصاديا هو من يملك عادات يومية ناجحة وأن الإنسان الذي لا يستطيع موازنة أموره المالية و التحكم بها، يعجز عن السيطرة على أي شيء آخر في حياته وهذا ما يجعلنا جميعا نتعامل مع الأثرياء ورجال الأعمال وننظر لهم نظرة احترام.
في ما يلي سنتعرف على أكثر عشر عادات تميز الأثرياء، مقتبسة من كتاب The Top Ten Habits of Millionaires العادات العشرة لأصحاب الملايين، من تأليف
Keith Cameron Smith كيث كامرون سميث، وهو مدرب متخصص في الشؤون الاقتصادية، فقد أتاح له عمله بالاحتكاك برجال ونساء، وصلوا الى اعلى درجات الثراء المادي، فلاحظ امتلاكهم عادات و صفات مشتركة تميزهم عن الموظفين في الأرض، وقبل استعراض هذه الصفات والعادات يرجى ملاحظة نقطتين أساسيتين:
الاولى اننا لا نتحدث هنا عن الأثرياء الذين ورثوا الأموال، والذين يصرفون الثروة التي انتقلت اليهم من اهلهم، بل نتحدث عن مجتهدين بدأوا من حياتهم العادية من الصفر و لم يولدوا وفي أفواههم ملاعق من ذهب..
أما النقطة الثانية فهي أن النقاط القادمة تتعلق بصفات شخصية وطبائع فردية وليس مبادئ اقتصادية او نصائح استثمارية تستقطب المال وتضمن الثراء بسرعة.
العادة الاولى هي التفكير والتخطيط على المدى الطويل، ففي حين يفكر الفقير بقوت يومه، والعامل بأجرة عمله، وانا وانت بالراتب الذين نستلمه نهاية كل شهر، يخطط المليونير للوصول الى هدفه حتى قبل أن يصبح مليونيرا ، وقد يستغرق وصوله لهدفه عدة سنوات، ويقوم بالسعي لتحقيقه بالمثابرة دون ملل. وفي حين ينفق الاشخاص العاديون مصادر دخلهم سريعا و اولا باول، يدرك الاثرياء انه كلما كان الاستثمار طويل المدى، ارتفعت عوائد الأرباح وانخفضت احتمالات خسارتهم.
العادة الثانية يهتمون بالأفكار الجيدة وليس جمع المال والممتلكات. الناس العاديون هم الذين يفكرون بالمال ويرغبون بممتلكات الأثرياء، في حين ينظر الأثرياء للمال والممتلكات كأمر ثانوي للأفكار الخلاقة، ويتعاملون مع الفكرة الإبداعية منجم ذهب لم يكتشفه أحد، ولو اطلعت على سير حياة الأثرياء فستجد أن معظمهم بنى ثروته على فكرة جديدة لم يسبقه اليها أحد، ثم من بعد ذلك أتى المال كنتيجة تالية له، ومثال ذلك ما حصل مع المليونير بيل جيتس مع شركة مايكروسوفت، و الهندي العبقري سيرجي براين مع محرك جوجل، وهنري فورد المبدع مع خط تجميع السيارات.
العادة الثالثة يسعدهم تغيير واقتحام عوالم جديدة ومجهولة. فالشخص متوسط الدخل يقاوم التغيير ويكرهه و يفضل البقاء على حاله ويخاف أن يتغير روتينه، فتجده يتمسك طوال حياته بوظيفة ثابتة واقصى طموحه هو نيل العلاوة التالية. وفي المقابل يملك الثري شخصية المغامر، ويصطاد الفرص النادرة ويخلق الأسواق الرائدة. فبيل جيتس على سبيل المثال يعتبر أغنى رجل في العالم، لم يتردد في قطع دراسته في جامعة هارفرد ليقوم بتأسيس شركة خاصة تمحورت حول فكرة غير مسبوقة.
العادة الرابعة الخبرة والاطلاع والمهارة في احتساب المخاطر، جميع الناس فقراء وأثرياء يخشون من المخاطرة بالمال، ولكن الفئة الاولى تستسلم و تتصرف بطريقة عشوائية، في حين تستعين الفئة الثانية في أهل الخبرة والمعرفة للتحكم باسثمراتها والبقاء على اطلاع بباطن الأمور
العادة الخامسة هي حب المعرفة والاطلاع. هل سألت نفسك مثلا: لماذا تملك العائلات الثرية مكتبات في منازلهم؟ أو لماذا يبدو ابناء الاثرياء أكثر اطلاعا ودراية ويتحدثون عن إنشاء مشاريعهم الخاصة، وليس العمل لدى الغير؟ الجواب حقيقة تجده في التربية المالية والثقافة الاقتصادية التي يقوم الاهل بتعليمها لأبنائهم بدل احلام اليقظة والتمني والتحسر والتخبط المالي الذي تعيشه العائلات العادية.
العادة السادسة أنهم يخططون لربح الملايين، في حين أن الاثرياء يعملون من أجل الربح الدائم، يعمل بقية الناس من اجل راتب زائل وحين يعتمد الإنسان على الراتب يختار العيش على مصدر محدود، أما حين يفكر بربح فتتلاشى امام دخله كل الحدود، ومن هذا يتضح أن الموظفين مجرد خدم لدى الغير، في حين أن الأثرياء باعة يضعون قوانينهم الخاصة
العادة السابعة الأثرياء كرماء بطبعهم ولا يخشون قلة المال، فهم يمتلكون خبرة قبل امتلاك الملايين شعورا بالسيطرة على المال، والقدرة على كسبه وقت ما يريدون، وفي المقابل يسيطر المال على تفكير البسطاء، فيرون في كل صداقة وعطاء فقرا مضاعفا ومحتملا. ليس هذا فحسب بل سرعان ما يكتشف الكرماء حقيقة لا تعترف بها مدارس الاقتصاد الغربية مفادها "وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين"
العادة الثامنة كل ما نوعت مصادر دخلك، زادت فرص ثرائك وامتلاكك للمال، و تعتبر هذه القاعدة من ابسط قواعد الثراء، ولا يمنع من تنفيذها سوى الكسل والتردد، فترى الأثرياء يملكون أكثر من مصدر للدخل، وبالتالي لا يعانون من شح المال مهما ساءت الظروف حولهم، أما الناس العاديون فهم يملكون مصدرا واحدا للدخل، تكيفوا معه و ارتضوا العيش تحت رعب خسارته.
العادة التاسعة التركيز على النوعية وليس الكمية،المقصود هنا هو التركيز على النوعية وليس العمل الشاق والمرهق، هل تعتقد حقا ان روكفلر وبل جيتس والوليد بن طلال يعملون كثيرا؟ هل تعتقد انهم يقعدون في مكاتبهم أكثر من عامل البقالة في حيك؟ قد يكون العمل الشاق ضروريا في مرحلة التأسيس ولكن يجب ان تغادر هذه المرحلة بسرعة. كون العمل المرهق يستهلك طاقتك مقابل اجر قليل، في حين أن تركيزك على الافكار الرائدة والنوعية الجيدة يمنحك قدر أكبر من المال والوقت لمتابعة المشاريع الاخرى.
العادة العاشرة والأخيرة هي أن الأغنياء يطرحون على أنفسهم أسئلة عميقة تأتي بحلول عظيمة. اطرح على نفسك اسئلة حقيقية حتى تكتشف سهولة التقيد بالاجوبة العظيمة، فأنت ستبذل الجهد للإجابة عن هذين السؤالين: كيف أقنع المدير بترقيتي؟ وكيف أضاعف دخلي هذه السنة؟ ان كلتا الإجابتين تتطلب نفس القدر من التخطيط والمتابعة والمثابرة، وقد تكتشف أن مضاعفة دخلك اسهل من إقناع مديرك بترقيه تافهة، وحين تسأل نفسك كيف اكسب مليون دولار بفعل شيء احبه؟ وماذا افعل لتسديد فواتيري المتراكمة لهذا الشهر؟ تصبح الامور اكثر وضوحا وتبرز في راسك افكار للثراء أقل تعقيدا من تسديد بطاقات الائتمان والديون..
في هذا السياق انصحكم بقراءة كتاب The Top Ten Habits of Millionaires.