ما هي الحكمة من وجود اللوح المحفوظ، وهل ترى الملائكة ما كتب في اللوح المحفوظ

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٢٣ يناير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 
أولاً : الحكمة من وجود اللوح المحفوظ تتلخص بالنقاط التالية :
1- إثبات علم الله تعالى على ما كتب في اللوح المحفوظ ( فالله تعالى علم ما كان ، وعلم ما سيكون ، وعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون ) .

2- تسليم العبد لقضاء الله وقدره ، وأن كل ما يصيبه من خير أوشر هو في علم الله تعالى الأزلي ومقدر ومكتوب عليه قبل أن يخلق ، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، وبذلك يزداد العبد يقيناً بالله وتسليماً بكل ما يصيبه .

3- ومن الحكم كذلك تنفيذ مشيئة الله تعالى التي لا تتبدل ولا تتغير ( وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ ) .

4- من أجل إقامة الحجة على الخلق .

5- ومن الحكم هي تعليم خلقه سبحانه وتعالى ( الكتابة والتدوين) فالله تعالى الذي علم كل شيء والذي لا يضل ولا ينسى وهو مالك الوجود ، قد كتب علمه ودوّنه وأمر الملائكة بتدوينه!

- فكيف بالإنسان الضعيف الذي ينسى ، فهو أحرى بالكتابة والتدوين في أمور حياته .


- ومن الأدلة القرآنية على وجود اللوح المحفوظ ، وأن الله كتب فيه كل شيء من أمور خلقه قبل أن يخلقهم :


1- قوله تعالى : ( لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) الحج/ 70 .

2- وقوله تعالى : ( وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) النمل/ 75 .

3- وقوله تعالى : ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) فاطر/ 11  

4- قال الله تعالى : ( في لوحٍ محفوظٍ ) سورة البروج 22

-فاللوح المحفوظ : هو أعظم الكتب قدرا وشأنا وهو الكتاب الذي كتب الله فيه مقادير الخلق قبل أن يخلقهم وهو كتاب الله تعالى المكنون المحفوظ من الزيادة والنقص ومن التحريف والتبديل وهو مستودع مشيئات الله تعالى ومقاديره.

- والقرآن الكريم مثبت وموجود في اللوح المحفوظ .

- ومما هو مكتوب في اللوح المحفوظ ما يلي :

1- مقادير الخلق : ففي الحديث : ((كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة)) رواه مسلم .

2- أن رحمة الله سبقت غضبه : ففي الحديث :  ((لما قضى الله الخلق كتب في كتابه - فهو عنده فوق العرش -: إن رحمتي غلبت غضبي)) متفق عليه.

- ثانياً :  هل ترى الملائكة ما كتب في اللوح المحفوظ ؟

- إن
الاطلاع على اللوح المحفوظ فلم ينقل من وجه ثابت أن الله تعالى أطلع عليه أحداً من الناس، ولو أمكن ذلك لأحد لأطلع عليه رسول الله محمداً صلى الله عليه وسلم الذي انتهى إلى منتهى لم يبلغه أحد حتى جبريل عليه السلام، وذلك ليلة أسري به صلوات الله وسلامه عليه.
-وأما الاطلاع على بعض ما تضمنه اللوح المحفوظ من أمور الله الغيبية فمن الممكن أن يحصل لمن يشاء الله تعالى من عباده فقد أطلع الأنبياء بطريق الوحي على كثير من المغيبات.
- كما حصل ويحصل لبعض عباد الله الصالحين عن طريق المكاشفات والإلهامات الإلهية.
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم ناس مُحدَّثون، فإن يكن في أمتي أحد منهم فهو عمر". والمحدثون الملهمون الذين يجري الله تعالى على ألسنتهم بعضاً من المغيبات. كأنما حدثوا بها.
- كذلك الرؤيا الصادقة، فإن المرء يرى رؤيا تتضمن الإخبار عن أمر مستقبل فيحصل الأمر كما رأى الرائي وهذا كثير معروف، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة".

-ولكن الذي تتطلع عليه بعض الملائكة هو ما يسمى ( صحف الملائكة ) : وهي الصحف التي تكتب فيها الملائكة أعمال وأقوال وأفعال الناس .وقد تتغير وتتبدل حسب عمل الإنسان.

   -قال الله -تعالى-: (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ  مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) سورة ق:17، 18،
- عَتِيدٌ يعني حاضر لا يغيب ولا لحظة، رَقِيبٌ لا يفوته شيء من كتابة أعمال العباد!.

- فيكتبان الملائكة أعمال الإنسان، والأفعال والأقوال، التي تصدر منهم ، وهناك ملكان أحدهما على يمين الإنسان والآخر على شمال الإنسان، لا يراهما الإنسان، اليمين كاتب الحسنات، والشمال كاتب السيئات،
- وقد قال الحسن -رحمه الله-: ( يا ابن آدم بُسِطت لك صحيفة، ووكل بك ملَكان كريمان، أحدهما عن يمينك، والآخر عن شمالك; فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك; وأما الذي عن شمالك فيحفظ سيئاتك، فاعمل بما شئت أقلل أو أكثر، حتى إذا متّ طويت صحيفتك، فجعلت في عنقك معك في قبرك، حتى تخرج يوما القيامة )

- فكل شيء مكتوب، مسطر في الصحائف، ولذلك يوم القيامة لا يجد المجرمون مفرًا من هذا، وقالوا: (مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا) [سورة الكهف:49