ما هي الحكمة من مشاركة أبي بكر الصديق رضي الله عنه بنفسه في حروب الردة

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٠٥ مارس ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
1- لأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه هو خليفة المسلمين الأول بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صاحب القرار الأول في جميع شؤون الدولة - وخاصة الحربية منها - وله حرية المشاركة في أي معركة يقررها .

2- لأن الردة ليست ردة عن دولة أو خروج على الحاكم-بل هي ردة عن الإسلام- فكان القرار حازماً والمشاركة فيه على أعلى مستوى في الدولة !

3- كانت مشاركته رضي الله عنه لخطورة الردة وأثرها السلبي على الإسلام والمسلمين في كل أنحاء العالم .فحركة الردة على عهد أبي بكر بدأت برموز من أصحاب الأهواء والطامعين، ثم تبعها جموعٌ غفيرة لا رأي لها من أبناء قبائلهم، ومن ثم كان التخلص من تلك الرموز يعني عودة تلك الجموع إلى دين الله أفواجًا، ولو بقيت تلك الرموزُ أو الرؤوس لتأصَّل الكفرُ في قلوب تلك الجموع، والآن أيضا المرتدة ما هم إلا شراذم قليلة تنعق فيتبعها الأراذل من الناس، لكن إن تُرِكت عمَّت نارُها، واستفحل شرُّها وعظم.

4- وكانت مشاركته أيضاً لأن شعاره كان ( أينقص الدين وأنا حي ) فكيف لهذا الشعار والقول أن يتحقق في أرض الواقع بدون مشاركة رسمية منه رضي الله عنه .

5- ولتعلم جميع القبائل سواء التي ارتدت والتي تفكر بالردة أن الأمر جلل وأن المسلمين ما زالوا في أوج قوتهم في قتال من يخرج عن هذا الدين العظيم - وبسبب خروجه وخروج الجيوش الإسلامية لمحاربة المرتدين - عادت كثير من القبائل عن الردة .

6- كانت مشاركته حتى لا يبقي عذر لأحد من الصحابة بالجلوس في المدينة المنورة وعدم الخروج عن قتال المرتدين .

7- ولأن المرتدين قد امتنعوا عن أداء فريضة الزكاة - والمال هو الذي يشكل التجسيد المادي الوحيد لوحدة القبائل العربية والإسلامية . ولما قال له عمر رضي الله عنهما: "كيف تقاتلهم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله، فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحقه، وحسابه على الله، فقال أبو بكر: والله لأقاتلنّ من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقًا لقاتلتهم على منعهم".

8- كانت مشاركته ليثبت للجميع أنه الأحق بالخلافة وأنه الأحرص على هذا الدين من النقص والضياع والتمرد .

9- كانت مشاركته لرد العدوان عن المدينة المنورة : فالمرتدين الذين تظاهروا بالإسلام ومنعوا الزكاة كان في نيتهم أن يحاربوا أبا بكر قبل أن يحاربهم، بل قد حدث ذلك بالفعل، فقد استغلوا غياب جيش المسلمين مع أسامة وأغاروا على المدينة، هذا فضلا عن قتل بعضهم لمن ثبت على دينه من أهلهم، فقد وثبت بنو ذبيان وعبس على من فيهم من المسلمين فقتلوهم كما قال الطبري كل قتلة، وكذلك فعل مَن وراءهم فِعلَهم..

10- لأن البعض قد إدعى النبوة كأمثال مسيلمة الكذاب وزوجته سجاح - ولأنه لا نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو خاتم الأنبياء والمرسلين - فكانت مشاركته وقتاله هؤلاء دفناً للفتنة وسداً للذريعة وخوفاً على ضعاف النفوس والإيمان من إتباع هؤلاء الدجالين .

- فكان أول أمر واجه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد توليه الخلافة في حياته السياسية هو ردة العرب على الإسلام كدين ، وعلى حكم المدينة كقوَّةٍ سياسيَّة، ووردت إليه الأخبار من كافَّة أرجاء الجزيرة العربية بارتداد بني أسد بقيادة طليحة بن خويلد الذي ادَّعى النبوَّة، وبني فزارة بقيادة عيينة بن حصن، وبني عامر وغطفان بقيادة قرَّة بن سلمة القشيري، وبني سُلَيْم بقيادة الأشعث بن قيس الكِندي، وبني بكر بن وائل في البحرين بقيادة الحكم بن زيد، وبني حنيفة بقيادة مسيلمة الكذاب الذي ادَّعى النبوَّة، وحافظت قريش وثقيف وأهل المدينة على ولائهم.

-فقرَّر أبو بكر التصدِّي لهذه الحركات الارتداديَّة بالقوَّة والحزم خاصَّةً بعد ورود أنباءٍ عن تحفُّز القبائل لشنِّ هجومٍ واسعٍ على المدينة وتدمير القاعدة المركزيَّة للدين الإسلامي.

 - ولم يمض سوى عام واحد لخلافة الصديق إلا وقد قطع دابر المرتدين تمامًا، ونجح بسياسته الحازمة في أن يطهر الجزيرة العربية من كل رجس، وأن يجمعها على كلمة التوحيد لينطلق بعدها أبناؤها إلى الأقطار الأخرى فاتحاً وناشراً للإسلام ومخرجاً الناس من الظلمات إلى النور، من الشرك إلى التوحيد، من جور الأديان إلى عدل وسماحة الإسلام .