الذي روي في هذا الباب أن الله خلق بيده:
1. آدم عليه السلام.
2. العرش الذي استوى عليه سبحانه كما يليق بجلاله.
3. القلم الذي أمره أن يكتب مقادير الخلق إلى يوم القيامة.
4. جنة عدن التي أعدها لسكنى المؤمنين يوم القيامة.
فهذه الأمور الأربعة رويت في حديث واحد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال (خلق الله أربعة أشياء بيده: العرش والقلم وعدن وآدم، ثم قال لسائر الخل: كن فكان).
وهذا الأثر رواه الآجري واللالكائي وسنده صحيح موقوفاً على ابن عمر رضي الله عنهما، ولكنه ليس مرفوعاً إلى النبي عليه السلام وليس من قوله.
ولكن العلماء يقولون إن مثل هذا الخبر الذي هو من علم الغيب لا يقوله الصحابي إلا إذا كان عنده خبر من النبي عليه السلام في ذلك، لذلك يقولون أن له حكم الرفع إلى النبي عليه السلام، خاصة إذا لم يكن الصحابي ممن عرف عنه أنه قد يأخذ من كلام أهل الكتاب.
أما آدم عليه السلام فإن الله قد خلقه بيده قطعاً لأن هذا ثابت في القرآن والسنة وإجماع سلف الأمة.
قال تعالى (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ..)
والحكمة من خلق الله آدم بيده الكريمة: هي تكريمه لما حمله أمانة التكليف، فخص أبانا آدم بهذا التكريم وأسجد له الملائكة.
وأما جنة عدن فقد روي في أثر آخر موقوف على الصحابي أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال (خلق الله الجنة لبنة من فضة ولبنة من ذهب وغرسها بيده وقال لها: تكلمي، فقالت: قد أفلح المؤمنون، فدخلتها الملائكة فقالت: طوبى لك منزل الملوك).
وجاء في الحديث عند مسلم أن رسول الله قال فيما يرويه ربه (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ: غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي ، وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا، فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ)
وبعض العلماء فسر (كرامتهم) بأنها الجنة نفسها، فعلى هذه التفسير يكون قد ثبت هذا الخلق مرفوعاً إلى النبي عليه السلام.
والحكمة من خلقها بذلك تكريم المؤمنين خاصة بأن خلق لهم دار إقامتهم في الآخرة وثوابهم على طاعته بيده الكريمة زيادة في التكريم والإتحاف.
أما العرش والقلم: فلم يأت نص آخر ينص على خلق الله لهما بيده لكن ظاهر حديث ابن عمر رضي الله كاف وقد تلقاه علماء أهل السنة بالقبول.
والحكمة من ذلك أيضاً هي التكريم والتعظيم لهذه المخلوقات، ويكفي في العرش أن الرب جلاله يستوي عليه كما يليق بعظمته من غير تشبيه ولا تمثيل.
وقد روي أمر خامس أن الله خلقه بيده وهي التوراة
حيث جاء في الحديث الصحيح في احتجاج آدم وموسى يوم القيامة أن يقول لموسى عليه السلام (وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ) وفي لفظ (وكتب لك التوراة بيده) (واه مسلم)
وهذا فيه تكريم لموسى عليه الصلاة والسلام.
وأنبهك أخيراً أنا لما نؤمن بأن الله خلق هذه الأمور الخمسة بيده فإنا نؤمن بذلك ونفوض الكيفية إلى الله تعالى وننزه الله عن مشابهة المخلوقين في ذلك، بل ننزه ونثبت ذلك كما يليق بجلال الله وعظمته.
والله أعلم