لعلّ الرسم هو المنفذ الوحيد للخروج من الواقع، وتجسيد ما يدور بداخلنا بكلّ فصاحة وشفافيّة مثل لغة تواصل صامتة يمكنك تفسير سكونها بتأمّلك لتفاصيلها وفكّ شيفرات ألغازها.
الرسم بالنسبة لي هو فنّ مرئيّ يستلزم عمل علاقة ما على سطح ما، وهو التعبير عن الأشياء عن طريق الخطّ أساساً أو البقع أو بأيّ أداة، وهو شكل من أشكال الفنون المرئيّة (الفنون التشكيليّة) وأحد الفنون السبعة، ويتمثّل في العديد من المدارس الفنّيّة الّتي تتوزّع عليها مختلف الأساليب لتشكيل لوحة تنتمي إليها.
من وجهة نظري لا أحبّذ التقيّد بنوع معيّن من التقنيّات او ان انتمى إلى مدرسة معيّنة لأنّ الرسّام برأيي إنسان حرّ مستقلّ متأمّل واثق، لديه فضول جامح لاكتشاف خبايا هذا الوجود، يمضي وقتاً طويلاً في التفكّر في عظيم صنع الخالق المصوّر لكلّ جميل، لذلك أجدني دائماً اتّبع أسلوب الرسم الحرّ في أغلب لوحاتي.
الرسم الحرّ هو من تقنيّات الرسم الّتي لا تخضع لأيّ قيود من خلالها أستطيع رسم كلّ ما يخطر ببالي سواء كانت اللوحات تنبع من خيالي أو أنّها تعكس الواقع أمامي، بدون استخدام أدوات معقّدة فقط الورقة والقلم.
سبب اهتمامي بهذا النوع هو بساطة تكوين اللوحات من خلاله وإطلاق العنان للقلم أو الفرشاة لخلق عالم عميق بكلّ حرّيّة وإعطاء المشاهد الفرصة لالتقاط التغذية البصريّة.
من خلال هذا الأسلوب أستطيع رسم الواقع بكلّ تفاصيله مع إضافة لمسات من الخيال وتمكين المشاهد من رؤية المشهد كامل، والإحساس بضباب المباني بخلفيّة اللوحة وتلاشيها ببطىء مع المسافة عن طريق حرّيّة تعبير الألوان وتنقّلها بين قوّة تأثيرها واستسلامها لحبكة الحكاية لتتلاشى مع الضباب.
الإحساس بالضباب جعل تركيز المشاهد ينصبّ على منطقة التكوين والأماكن الّتي اخترتها لتكون محور الرسمة ممّا يعطي المشاهد الفرصة لكتابة قصّته الخاصّة الّتي استطاع استنباطها من اللوحة.
تعددت الأساليب الفنية لكن الهدف واحد، وهو تجسيد كل ما هو جميل وإيصال ما بداخلك للواقع.