الأحاديث في بيان فضل أمة محمد صلى الله عليه وسلم وخيريتها وأنها أفضل الأمم وأكرمها على الله كثيرة ، ويكفي في شرف هذه الأمة وفضلها أن رسولها عليه السلام هو أكرم أرسل وأفضلهم ، ولولا أن أمته أفضل الأمم لما كان هو رسولهم !
ثم إن هذه الأمة حملها الله أمانة الدين والدعوة إلى يوم القيامة فهي خاتمة الأمم ورسولها خاتم الأنبياء وكتابها خاتم الكتب السماوية المهمين على ما قبله من الكتب ، حتى لما ينزل عيسى عليه السلام آخر الزمان فإنه يصلي مأموماً خلف إمام المسلمين في زمنه تكرمة لهذه الأمة !
ولكن هذه الخيرية لا تعني أن مجرد الانتساب إلى هذه الأمة كافية في نيل شرف هذا المدح ، فإن الانتساب إلى هذه الأمة بحاجة إلى شاهد على صدق هذا الانتساب ، وهو تصديق القول بالعمل ، فلا بد أن يكون عملك جار على سنة النبي وهدي الإسلام ، فكم من منتسب لهذه الأمة سيحاولون الورود على حوض النبي عليه الصلاة والسلام يوم القيامة فتمنعهم الملائكة فلما يسأل النبي عنهم تقول الملائكة : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك !
ومن الأحاديث الواردة في بيان فضل هذه الأمة :
1. عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نُكْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعِينَ أُمَّةً، نَحْنُ آخِرُهَا وَخَيْرُهَا» (رواه ابن ماجة).
2. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نَحْنُ الآخِرُونَ الأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ، فَاخْتَلَفُوا فَهَدَانَا اللَّهُ لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ، فَهَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ هَدَانَا اللَّهُ لَهُ»، قَالَ: «يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فَالْيَوْمَ لَنَا، وَغَدًالِلْيَهُودِ، وَبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى»(رواه مسلم).
فهذان الحديثان نص على أن أمة محمد عليه السلام هي خير الأمم رغم أنها آخرها ، ومن فضيلتها أنها أول أمة دخولاً الجنة .
3. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما قال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قُبَّةٍ فَقَالَ:«أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوارُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟» قُلْنَا: نَعَمْ، فَقَالَ: «أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟» فَقُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: «أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟» قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمد بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَذَاكَ أَنَّ الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَمَا أَنْتُمْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ، إِلَّا كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ، أَوْ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَحْمَرِ" ( متفق عليه )
فهذا الحديث نص على أن أمتنا هي أكثر من نصف أهل الجنة وهذا دلالة خيرية هذه الأمة ولا شك .
4. معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: «أبْقَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الْعَتَمَةِ، فَأَخَّرَ حَتَّى ظَنَّ الظَّانُّ أَنَّه لَيْسَ بِخَارِجٍ، وَالقَائِلُ مِنَّا يَقُولُ: صَلَّى، فَإِنَّا لَكَذَلِكَ حَتَّى خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا لَهُ كَمَا قَالُوا، فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْتِمُوا بِهَذِهِ الصَّلَاةِ فَإِنَّكُمْ قَدْ فُضِّلْتُمْ بِهَا عَلَى سَائِرِ الأُمَمِ، وَلَمْ يُصَلِّهَا أُمَّةٌ قَبْلَكُمْ»(رواه أبو داود).
وهذا الحديث فيه بيان فضل هذه الأمة حيث اختار الله لها صلاة العشا كما هداها إلى يوم الجمعة بعدما أضل اليهود والنصارى.
أما الحديث المشهور على ألسنة الناس بلفظ " الخير فيّ وفي أمتي إلى يوم الدين " فليس بحديث ولا أصل له
والله أعلم
.