أول معركة هزم فيها جيش المسلمين هي
معركة الجسر، وهي معركة حدثت في شعبان في السنة الثالث عشر للهـجرة،
وكانت بين المسلمين والفرس، وكان قائد المسلمين آنذاك أبو عبيد الثقفي ومعه تسعة آلاف مقاتل، يقابلهم عشرة آلاف مقاتل.
وكان المسلمون في هذه المعركة أقرب للنصر من الأعداء، وأحدثوا عند الفرس خسائر لا تقل عن التي حدثت عندهم؛ إلا أنهم في نهاية المعركة غُدِروا باستعانة الأعداء بالفيلة، فخافت خيول المسلمين واضطرب الجيش.
وأضيف معلومة جديدة وخطيرة هو أن ما يتناقل بين العامة أن غزوة أُحُد هي أول غزوة هزم فيها المسلمون فهو خطأ فادح إن حمل على معناه الحقيقي!
قد يحمل على المجاز.
وما حدث في يوم أُحُد هو أن المسلمين تكبدوا فيه خسائر فادحة، وتولى بعضهم وانكشفوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبقي معه مجموعة من الصحابة، ما زالوا يدافعون عنه حتى تراجع العدو؛ فلم ينهزموا ولم يفروا،
وقال الله تعالى في الصحابة الذين تولوا وتركوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن معه: {
إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ}
(آل عمران:155)
وفي هذه الغزوة قال الله تعالى: {
أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (آل عمران:165)
وتفصيل الذي حدث من كتاب للسيرة النبوية*:
"قال ابن إسحاق: ثم أنزل الله نصره على المسلمين، وصدقهم وعده، فحسوهم بالسيوف حتى كشفوهم عن المعسكر، وكانت الهزيمة لا شك فيها"؛ أي هزيمة الأعداء.
"وتبع المسلمون المشركين، يضعون فيهم السلاح، وينتهبون الغنائم."
"وبينما كان الجيش الإسلامي الصغير يسجل مرة أخرى نصرا ساحقا على مكة لم يكن أقل روعة من النصر الذي اكتسبه يوم بدر، وقعت من أغلبية فصيلة الرماة غلطة فظيعة قلبت الوضع تماما، وأدت إلى إلحاق الخسائر الفادحة بالمسلمين، وكادت تكون سببا في مقتل النبي صلى الله عليه وسلم"؛ بأن الْتَفّ المشركون خلف جبل الرماة وقتلوا الرماة الذين ما برحوا أماكنهم ونالوا الشهادة، وصار ضرب المسلمين شديد من الأمام والخلف وبين الصفوف، حتى تراجع العدو من تلقاء نفسه.
والله تعالى أعلى وأعلم.
*المصدر: كتاب الرحيق المختوم.