تتّصف عمارة كل حضارة من الحضارات بمجموعة ملامح تميّزها عن غيرها، وقد اشتهرت العمارة الرومانية بقبابها، وأقواسها، ومدرجاتها، ومعابدها، ومبانيها الحرارية (الحمامات)، والردهات، وقنوات المياه، والشقق، والمنازل. لعلّ أبرز ما يخطر على بال الواحد منا عند ذكر العمارة الرومانية هي المسارح والمدرجات الرومانية كالمدرج الروماني في جرش ومثيله في عمان التي استخُدمت -وما زالت تستخدم- للعروض المسرحية والغنائية لوجود نظام الصوت فيها.
وقد صُمّمت المسارح الرومانية على شكل نصف دائرة كما في المسارح الإغريقية وكانت تبنى على مواقع مسطحة مقامة على عقود من الحجر ونقط ارتكاز معمارية وإنشائية بالطريقة التقليدية:
أما المدرجات فكانت تعبر عن القوة والروعة، وبالمقابل، القسوة والوحشية، التي كانت تتصف بها الحضارة الرومانية، حيث كانت تقام المعارك بين الأسرى والوحوش لتسلية المشاهدين، وأشهر هذه المباني هو مبنى "الكولوزيوم".
كما تميزت العمارة الرومانية في قدرتها على توفير مساحات داخلية واسعة، بعكس العمارة المصرية واليونانية مثلاً التي امتازت بغرفها الصغيرة، ومما ساعد العمارة اليونانية على توفير مساحات داخلية كبيرة استخدامها للأقواس والقباب في الإنشاء وكذلك استخدام الخرسانة الرومانية.
فالخرسانة الرومانية تكانت تُغلف في العادة إما بالحجر أو بالطوب، وكانت تدمج بالرماد البركاني مما يعطيها المتانة التي تميزت بها. ومن أشهر القباب الخرسانية غير المسلحة في العالم هي قبة البانتيون. وكانت العمارة الرومانية هي المسؤولة عن الجسور الكبيرة الأولى التي استمرت لقرون، فكان الرومان أول من استخدم الخرسانة لبناء الجسور.
وربما أكثر ما اتّصفت به العمارة الرومانية عن غيرها هو اهتمامها بالعمارة الدنيوية، أما العمارة الدينية فلم تحظى باهتمام كبير عندهم لدرجة أنهم كانوا يكتفون ببناء محراب خاص لكل بيت عوضاً عن الزيادة أو المبالغة في بناء المعابد الضخمة. وقد بنيت المعابد الرومانية في العادة في جهة مقابلة للضوء أو مفتوحة على ميدان عام، ولم يهتموا أن يبنوها بحيث تكون مكشوفة وبارزة ويمكن رؤيتها من جميع الاتجاهات كما كان النظام عند الإغريق معبد فورتينا فيرليسومعبد سيباي.
أما عن المساكن، فقد أنشأت على نوعين، أولهما مسكن العائلة المستقل وثانيهما مجمع المساكن، أما الأول فهو بالطبع سكن العائلات الغنية والمقتدرة، وأهم ما يميزه وجود صالة رباعية الأضلاع تتوسط السكن ومضاءة من السقف الذي يحمله أربعة أعمدة كورنثية، أما أرضية الصالة ففيها حوض تتجمع فيه مياه المطر من فتحة السماء. والصالة تتصل بحديقة خارجية يحيطها سور مصمت، يحفظ للسكان الخصوصية.
أما النوع الثاني فهي عبارة عن مبنى من عدة أدوار تصل إلى خمسة، يكون الدور الأرضي منها عبارة عن حانات ودكاكين ومحال تجارية، تكون مبنية عادة من الخرسانة والطوب وتحتوي أفنية داخلية.
الأعمدة وتيجانها، وجاء تصميمها على ثلاثة أشكال، الطّراز الكورنثي (الكورنثي الإغريقي والكورنثي الروماني) ذو الأصول المصرية الذي انتقل إلى الإغريق ونشأ في مدينة أثينا ثم في وقت لاحق طوّره الرومان، والطراز الدوري الذي ظهر صقلية وإيطاليا وأيضاً في سواحل البيلوبونيز، والطراز اليوني الذي يعتقد بأنّه يعود في جذوره إلى الرافديه، وقد ظهر في العمارة الكنعانية، وبعدها انتقل لليونان.
الأقواس، وهي بناء ضخم يكون عادة مبني من الحجارة، متصلة به أعمدة محمولة على قواعد مرتفعة تحمل باقي البناء، تتزين حجارة القوس بالنقوش التاريخية والكتابة. وقد ذكر أن سبب تشييدها هو في كونها تشير للأباطرة والقواد كتذكار لانتصاراتهم.
استعمل الطرازين الكرونيشي والمركب وأشهرهما، قوس نصر تيتوس في بيت المقدس، وهو قوس بفتحة واحدة، على واجهتيه نصف أعمدة ملتصقة، أما في الأركان فيوجد ثلاثة أرباع عمود على النظام المركب. وقوس نصر سيتمس، ذو الثلاث فتحات، صنع من الرخام الأبيض، ترتكز عقوده على أكتاف في مقدمتها أعمدة على النظام المركب.
المقابر، وقد تميزت القبور الرومانية عن غيرها في كونها كانت غير ضرائحية وإنما عبارة حجارة مجتمعة إما على شكل رجم أو مرصفة بدقة أو مستطيلة ضخمة حيث يكون التدوير الحجري من ناحية شروق الشمس مباشرة. كما ويتم اختيار موقعها بحيث يكون على ربوة أو منحدر بعيد عن مسيل الماء أو مكاناً مشرفاً على مكان عيش الميت كقريته أو قصره، ويكون القبر ضمن قبور جماعية، وكانت على ثلاثة أنواع، أقبية تحت الأرض، القبور التذكارية، وهي أبنية مستديرة الشكل باتساع معين محاطة ببواكي، ولها سقف مخروطي الشكل، والقبور الهرمية، التي أدخلت في روما بعد فتح مصر على شكل أهرام.
28 مشاهدة
