عباس محمود العقاد أديب ومفكر وشاعر مصري ولد في أسوان عام 1889. وهو أحد أهم الكتَاب في القرن العشرين. كان العقاد يكتب شعراً ونثراً وعرف عنه أنه موسوعي المعرفة حيث كان يقرأ في التاريخ الإنساني والأدب وعلم الاجتماع والفلسفة وله أكثر من مئة كتاب في مختلف المجالات سواء مجالات دينية أو أدبية وله دواوين شعرية عديدة. من أشهر كتاباته (العبقريات) وهي سلسلة من الكتب التي تعنى بشخصيات عظيمة: أولها عبقرية محمد - صلى الله عليه وسلم- ثم عبقرية الخلفاء الراشدين وهي عبقرية الصديق وعبقرية عمر وعبقرية عثمان بن عفان وعبقرية علي بن أبي طالب.
وكان العقاد عضو سابق في مجلس النواب المصري وعضو في مجمع اللغة العربية. وبالرغم من أن دراسته اقتصرت فقط على المرحلة الابتدائية إلا أنه كان صاحب ثقافة موسوعية ليس لها مثيل. وكان العقاد مولعاً في الكتابة في جميع المجالات، فقد أنفق معظم ماله على شراء الكتب. اشتغل العقاد بوظائف حكومية كثيرة، لكنه استقال منها جميعاً واحدة تلو الأخرى، فقد كان يؤمن بأن الموظف الحكومي كالشخص الذي حكم عليه بالسجن ويعتبره رقيق القرن العشرين.
اتجه العقاد بعد ذلك للعمل بالصحافة وعمل محرر في صحيفة الدستور وحينها أتيحت له الفرصة ليجري أول حديث صحفي مع سعد زغلول حيث كان وقتها وزيراً للمعارف وتم نشر هذا الحديث الصحفي، وبعدها بدأت علاقة قوية بينه وبين سعد زغلول الذي رأى فيه كاتباً واعداً ويمكن أن يكون الذراع الإعلامية التي تنشر أفكاره وتسهم في صنع شعبيته.
وقد رأى الدكتور محمد صابر عرب أستاذ التاريخ أن العقاد تجاوز الموضوعية في انحيازه لسعد، فقد كان يدافع عن كل ما يقوله ويفعله سعد وقد بالغ في مدحه حتى أنه أخرجه من مصاف البشر لذلك كان سعد يتعامل معه بخصوصية شديدة. ورأى الدكتور صابر عرب أن قلم العقاد كان له أكبر الأثر في دفع الجماهير إلى الالتفاف حول سعد حتى وفاته.
وكان للعقاد إسهامات كثيرة في نواحي مختلفة للفكر الإسلامي منها السِّير وعلى رأسها العبقريات، وله بحوث في العقيدة وفي التوحيد والأنبياء وأبحاث ودراسات عديدة. وقد رأى الشيخ الغزالي بأن العقاد خير من كتب في العقيدة والدين بوعي وإيمان وأنه صاحب أكبر عدد من المؤلفات الإسلامية التي تزيد عن ثلاثين كتاباً وقد قدمت حقائق الإسلام وأدحضت أباطيل خصومه. لكن هناك خلاف مشهور وقع بين إمام الدعاة محمد متولي الشعراوي وبين العقاد حول جواز استخدام لفظ (عبقرية) لوصف سيدنا محمد. فيرى الشعراوي أن هذا الوصف لا يناسب رسول الله لأن الرسول نفسه أكد على أميته التي هي شرف له فهو لا يأخذ من البشر بل يأخذ رسالته الخالدة من الله سبحانه وتعالى ولكن يجوز وصف أي أحد من الصحابة بهذه الصفة. وحسب رأي الشعراوي أيضا أنه لا يجوز وصف الرسول بالعبقري لأن صفة العبقري بين البشر لا يؤخر إظهارها حتى سن الأربعين.
ويرى البعض بأن العقاد لم يكن واضح في موقفه من الديانات فيرى الباحث محمد جمال القصاص وهو كاتب في مجال النقد الفكري وباحث دكتوراه علوم سياسية بأن العقاد كان يقف وحيداً إن تكلم عن الإسلام أو تكلم عن النصرانية ويرى أنه أضاع نفسه وجهده في إثبات ذاته ومجادلة أقرانه. فلم يكن العقاد ممن يهاجمون النصرانية ولا ممن يقفون موقفاً معادياً من الآخر وكان يفتخر بأن كتاباته محل رضا عند غير المسلمين. فقد كان أحيانا في مضمار الغرب وأحياناً في مضمار المستشرقين وأحيانا ضمن حملة إعادة قراءة الشريعة الإسلامية من جديد.
ويرى آخرون بأن العقاد شديد القرب من معتقدات النصارى حتى أنك عندما تقرأ كتاباته في أمورهم قد تشك بأن الكاتب نصراني ليس مسلم. وأشد ما يستشهد به لإسلاميات العقاد هو العبقريات ومع ذلك حين تقرأها وتعيد النظر فيها ترى أنها بعيدة عن الانتصار للدين وسيد المرسلين، وحين ننظر إلى مسيرته نرى أنه لم ينضم عملياً للإسلام أو المدافعين عنه بل كان يناوشهم. فكان يقترب من الداعين حيناً وغالباً مع أولئك المعادين للدين والمتدينيين.
ويرى آخرون بأن العقاد وكتاباته الإسلامية الموضوعية البحتة تشف عن إلمامه الواسع وإحاطته الشاملة بالمبادئ والقيم والعادات الإسلامية وعن بصر نافذ وبصيرة شاملة ورؤية ثاقبة واستشارة واضحة فكانت محل تقدير من كبار المفكرين والعلماء المختصين. وعندما سُئل فضيلة الشيخ أحمد حسن الباقوري الذي كان مديراً لجامعة الأزهر وكان من كبار العلماء والدعاة عن العقاد قال أنه مجاهد صادق بعيد النظر، غيور على الإسلام والمسلمين وأنه خير لسان للعروبة والإسلام بما كتب من كُتب ومقالات.