"الأصدقاء هم الأوطان الصغيرة؛ الوجه الثاني للحبّ.. الحبّ" الّذي لا يتغيّر."
عبّاس محمود العقّاد
بتلك الكلمات وصف الكاتب عبّاس محمود العقّاد تصوّره عن الصداقة، وبرأيي أنّه اختصر معاني هذه الكلمة الّتي تحمل في طيّاتها مشاعر المحبّة، والوفاء الّتي تتجسّد على شكل أشخاص يمثّلون هدايا القدر إلينا.
لكن في بعض الأحيان يوجد بعض الأشخاص يفتقرون لهذه المشاعر، ولا يملكون الرغبة أو لا يستطيعون تكوين علاقات صداقة، وإقامة قاعدة تساعدهم على تخطّي مراحل العمر وتكوين ذكريات تترسّخ على جدران قلوبهم إلى الأزل.
ترى ما السبب وراء افتقار هؤلاء الأشخاص إلى هذه القدرة؟
لعلّ الوحدة هي المسمّى الّذي أطلقه هؤلاء الأشخاص على أغلب أوقاتهم ومشاعرهم الّتي تسكن أفئدتهم، ولعلّ السبب وراء هذه المشاعر ينقسم إلى عدّة فروع وفي الأغلب يكون أبرز هذه الأسباب هو الانتقال إلى منطقة جديدة أو قطع علاقات الفرد السابقة مع أصدقائه بسبب بعض الظروف، أو عدم قدرته على التواصل الاجتماعيّ والانخراط في بيئته الاجتماعيّة، ممّا تجعله هذه الأسباب أكثر عرضة لأنّ، وانطواء ومن الممكن أن تؤدّي في بعض الأحيان إلى قلّة الثقة بالنفس، والشعور بالنقص الّذي يؤدّي بالفرد إلى الابتعاد والعزلة، ورسم حدود حول ذاته لتجعل منه حبيساً في دائرة الأمان الّذي وضعها حول نفسه، وحيداً ليس لديه الجرأة للتحرّر.
لحلّ هذه المشكلة تفرض على الفرد وجوب التغلّب على حاجز الوحدة الّذي وضعه أمام ذاته وبنى منه جداراً يحول بينه وبين العالم، كلّ ما عليه هو كسر قيود نفسه والتغلّب على المشاعر الّتي تحبسه في دائرة عزلته لكي يستطيع أن يزيد ثقته بنفسه، ويرسم طريقه نحو حياة أفضل مليئة بأشخاص يساندون وحدته.
من وجهة نظري أنّ كونك شخصاً انطوائيّاً، او ان بعض الظروف أدّت بك إلى الوحدة لا يعني أن تجعل حياتك تتمحور حول العزلة، بل حاول أن تكسر هذه القيود، وحاول تكوين دائرتك الاجتماعيّة الخاصّة عبر التواصل مع الأشخاص الّذين يملكون نفس ميولك وأفكارك، ويشاركونك في مساراتك سواء العلميّة، أو الاجتماعيّة، أو غيرها من المجالات الّتي تهمّك في حياتك، ممّا يساعدك على توطيد علاقاتك، وتكوين صداقات ربّما تستمرّ معك إلى سنوات.
تغلّب على شعور الخجل والوحدة وحاول فهم معاني الحياة وأعمل على زيادة معرفتك بالمهارات الاجتماعيّة وطبيعة سماتك الشخصيّة الّتي تساعدك على فهم ذاتك، وتزيد من ثقتك بنفسك ممّا يزيد من فرصك لتكوين علاقات صداقة طويلة الأمد.
من وجهة نظري إنّ الصداقة الحقيقيّة هي من النعم العظيمة الّتي توجد في حياتنا، لذا يجب علينا السعي وراء تكوين علاقات حقيقيّة لا تحمل أيّ صورة مزيّفة لنستطيع المرور في طريق حياتنا حاملين معنا رسائل الصدق والوفاء.