ما هي أسباب سعادة الدارين كما ذكر في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
٢٠ مارس ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
العمل الصالح مع الإيمان هو سبب سعادة الدارين بنص القرآن والسنة.

قال الله تعالى ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (النحل97)).

وقال تعالى (  فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى.وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى
) ( طه 123-125)

والسبب ذلك أن السعادة في أصلها أمر قلبي وليس بمظهر خارجي ، فلا يخفى عليك أنك لو قلبت نظرك لرأيت كثيراً من الناس لديهم المال والمنصب والجاه ومع ذلك تجدهم قلقين خائفين مضطربين غير سعداء في حياتهم حق السعادة ، حتى يبلغ الحال ببعضهم أن ينتحر ويقتل لنفسه ليرتاح !

فالسعادة الحقيقية في الدنيا إنما هي في سكون القلب وهدوئه وطمأنينته وراحته ، وهذه السعادة لن تكون إلا بقرب القلب من ربه وخالقه سبحانه وتعالى، فالله الخالق للقلب أوجد فيه جوعة روحية لا تسد إلا بالعبادة والإنابة إلى الله تعالى والقرب منه ، فمتى عمرت قلبك بحب الله وطاعته ولسانك بذكره وتمجيده وجوارحك بطاعته وعبوديته، أعطاك الله راحة في قلبك ونورً في وجهك وبركة في رزقك ومحبة في قلوب العباد ،فماذا بقي لك من السعادة في الدنيا بعد لتحصلها!

أما في الآخرة فإن السعادة والفوز إنما هي في دخول الجنة والنجاة من النار ، فمن فاز بدخول الجنة ورؤية ما فيها من النعيم وتشرف بأعلى نعيمها وهي رؤية وجه الرب سبحانه جل في علاه ماذا يرجو بعد ذلك من سعادة !

ولقد كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أسعد الناس وأشرحهم قلباً وأشدهم طمأنينة رغم أن رزقه كان كفافاً .

فإذا أردت السعادة في الدارين : عمِّر قلبك بحب الله ورجائه وخوفه وهيبته ، وأشغل لسانك بذكره وتسبيحه وتمجيده ، وألزم جوارحك طاعته والعبودية له والانتهاء عن معصيته ، تجد حلاوة لم تكن تتخيلها في الدنيا !  

قال ابن تيمية رحمه الله " إن سعادة النفس أن تحيا الحياة النافعة فتعبد الله، ومتى لم تحيَ هذه الحياة كانت ميتة، وكان مالها من الحياة الطبيعية موجباً لعذابها، فلا هي حية متنعمة بالحياة، ولا ميتة مستريحة من العذاب"