قال الله تعالى :( أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِم مِّدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ ) سورة الأنعام (6)
- وقال الله تعالى : ( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) سورة الأنفال (25)
- فمن آثار الذنوب على الفرد :
1- الفقر وحرمان الرزق : ففي الحديث الصحيح : (إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ) رواه أحمد
2- عدم تيسير الأمور في الدنيا سواء مع الأهل والأسرة أو في العمل وطلب الرزق وفي جميع نواحي الحياة .
3- ظلمة الوجه والقلب - بحيث يختم على القلب بالخبث والظلام .
4- الضعف في البدن بشكل عام .
5- الإصابة بالأمراض الخبيثة ( فالزنا = الأديز )
6- عدم محبة الناس لمرتكب الكبيرة وبغض الناس له ، قال ابن عباس رضي الله عنهما ملخصاً لتلك الآثار: "إنَّ للحسنة ضياء في الوجه، ونوراً في القلب، وسعة في الرزق، وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمة في القلب، ووهناً في البدن، ونقصاً في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق"
7- حب المعصية وتحبيبها للنفس .
8- هوأن العبد على الله تعالى .
9- أن الذنوب سبب في الذل والمسكنة .
10- الطبع على القلوب بالمعاصي ، ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( «إن المؤمن إذا أذنب ذنباً نكت في قلبه نكتة سوداء، فإذا تاب ونزع واستغفر صُقل قلبه، وإن زاد زادت، حتى تعلو قلبه، فذلك الران الذي ذكره الله عز وجل» :{ {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ} }[المطففين: 14]7.
11- إستحقاق لعنة الله تعالى . ففي الحديث : ( لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهده، ولعن الراشي والمرتشي، ولعن العاق لوالديه، ولعن من ذبح لغير الله )
-أما آثار الذنوب والمعاصي على المجتمع فهي :
1- الفساد في المياه والهواء، والزرع والثمار، والمساكن، قال تعالى: { {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} }[الروم: 41].
2- أنها سبب من أسباب الخسف والزلازل؛ فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: " «توشك القرى أن تخرب وهي عامرة، إذا علا فجارها على أبرارها، وساد القبيلة منافقوها» "8. وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: ((في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف)) فقال رجل من المسلمين: يا رسول الله ومتى ذلك؟ قال: ((إذا ظهرت القيان والمعازف وشربت الخمور))9. وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (( «ليشربنَّ ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف على رؤوسهم بالمعازف يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير» ))10.
3- ومن آثار الذنوب والمعاصي على المجتمع أنَّ شؤمها وضررها ليس مقتصراً على العاصي فقط، وإنما متعدي إلى غيره من الجمادات والحيوانات، قال مجاهد بن جبر: "إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتدت السنة وأمسك المطر، وتقول: هذا بشؤم معصية ابن آدم"11. وقد جاء في الحديث الصحيح أنه مرّ على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة فقال صلى الله عليه وسلم: ( «(مستريح ومستراح منه» ))12. أما المستريح فهو المؤمن استراح من عناء وتعب الدنيا. وأما المُستراح منه فهو الكافر والفاسق استراح منه العباد والبلاد، وذلك لأنه كان سبباً لكثيرٍ من المحن كمنع القطر من السماء .
4- ومن أثرها على المجتمع أنَّها سببٌ للتمزقِ والتفرقِ والاختلافِ، وهذا ما نراه ونلاحظه اليوم في أمتنا، قال تعالى: { {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} }[الشورى: 30]. ولكن للعجب إنَّ كثيراً من الناس اليوم يعزون ما حلَّ بالأُمَّةِ من تمزق وتشرذم واختلاف إلى أسباب مادية بحتة, أو إلى أسباب سياسية, أو إلى أسباب مالية, أو إلى أسباب حدودية، أو ما أشبه ذلك، وهذا مما لاشك فيه أنه من قصور فهمهم، وضعف إيمانهم، وغفلتهم عن تدبر كتاب الله وسنة رسوله. أو لا يعلم أولئك أن وراء تلك النكبات والمصائب أسباباً غير تلك الأسباب المادية البحتة أسباباً شرعية، وهي الذنوب والمعاصي، أولم يسمعوا إلى الله وهو يقول: { {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ * أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} }[الأعراف: 96-99]. فالله الله -عباد الله- في تقوى الله، ومراقبته في السر والعلانية، والحذرَ الحذرَ من الغفلة، والتمادي في معصيته.