ما هي آيات القصاص في القرآن الكريم مع تفسيرها

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
٢٩ يناير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
الآيات التي تناولت موضوع القصاص وشرعت حكمه وقررته ونفت ما كان عليه أهل الجاهلية من العدوان في القصاص وقتل من لا يستحق القتل بالمقتول هي الآية رقم ( 178-179) من سورة البقرة ، قال تعالى :

 ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ * ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلم تتقون ﴾

ومعنى الآيات باختصار في قول جمهور المفسرين : أن الله كتب يعني فرض القصاص في القتلى مجازاة للقاتل على ظلمه متى تحققت المكأفاة بين القاتل والمقتول ،والمكافأة عند جمهور العلماء إنما تكون بتماثل القاتل والمقتول من حيث الدين والحرية ، فإذا كان القاتل أعلى من جهة الدين كأن كان مسلماً والمقتول كافراً او كان القاتل حراً والمقتول عبداً ، فلا يجب القصاص عند جمهور العلماء وإنما تجب الدية مع إمكانية تعزير القاتل ، ولاتشترط الكفاءة من حيث الجنس أي بين الذكر والأنثى .

وبينت الآية بعد ذلك أن القصاص إنما هو حق اولياء الدم وأن لهم العفو عن الدم إلى الدية ، وحثت الآية على العفو لما سمت القاتل (أخيه ) ،وامرت القاتل بأداء الدية بإحسان ومعروف وعدم مماطلة فهذا أقل حق لأولياء القتيل  ، ثم حذرت الآيات أولياء القتيل من مجاوزة الحد والتعدي بعد تمكينهم من أخذ حقهم بقتل من لا يستحق القتل ، كما كان أهل الجاهلية يعملون بقتل أحسن وأمثل رجل من قبيلة القاتل وعدم اكتفائهم بقتل القاتل .

ثم بينت الآية التالية حكمة مشروعية القصاص وأنه فيه حياة للمجتمع وغير القاتل ، وذلك لما فيه من ردع للناس عن القتل لما يعلموا أن القصاص بانتظارهم ، ثم فيه إنقاذ لحياة الناس من تعدي بعضهم على بعض نتيجة ثارات الجاهلية وعصبيتها التي تكون تقودهم إلى الإسراف في القتل .

وهذا ما صرنا نعيشه في أيامنا هذه لما ألغي تطبيق القصاص في الغالب واستبدل بأحكام وضعية من السجن ونحوه ،فصار القاتل ينجو بفعلته ويخرج من السجن ولو بعد حين ، ولا يجد أولياء القتيل في ذلك شفاء لصدورهم فتقود نار الانتقام بعضهم إلى التعدي في القتل وأخذ حقهم بيدهم ،فكثرت الثارات وتقطعت الأواصر وأخذ البريء بجريرة المتهم ،ولا حول ولا قوة إلا بالله .