ذكر الغراب في القرآن الكريم مرة واحدة فقط :
وقد ورد ذكره في قصة ابني آدم عليه السلام كما وردت في سورة المائدة - وملخص القصة:
أن في شريعة آدم كان الرجل يتزوج من أخته وكان كما ورد في كتب التفسير أولاد اثنين (قابيل وهابيل) وكان كذلك له بنتان الأولى جميلة والثانية غير جميلة فكانت كل أحدهما يريد أخته الجميلة فطلب آدم منهما أن يقرب كلا منهما قرباناً لله تعالى ، فالذي يتقبل منه الله تعالى تكون البنت الجميلة من نصيبه .
فجاء قابيل وقدم الرديء من الثمار ، وهابيل قدم من أفضل أغنامه ، فتقبل الله تعالى من هابيل ولم يتقبل من قابيل فقرر قتله ، فقتله !! ولم يعرف كيف يتصرف في جثته حتى أرسل الله تعالى له غراباً يحمل غرابا آخر متوفى وقام بدفنه بالتراب ليكي يعلم قابيل كيف يدفن أخيه .
قال الله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ * قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ * إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ * وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ * فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ * قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) سورة المائدة ايه من 27/31
-ويذكر في كتب التفسير بأن قابيل وهابيل هما الإبنان الأولان لِآدمَ وحواء، وتبدأ القصة عندما قدم كل منهما قربانًا لله عز وجل، فتقبل الله تعالى من هابيل لحسن نيته وصدقه وإخلاصه، بينما لم يتقبل من الآخر وهو قابيل؛ لسوء نيته وفساده، فقال قابيل لأخيه هابيل: (لأقتلنك)، حسدًا منه، فلم يبدي له هابيل أي مقاومة ولكنه نصحه بقوله: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)، وأرشده إلى سبب قبول الأعمال وهو التقوى، وبعدها ينصحه بمخافة رب: (لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ * إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ)، أي أنه يخبره لو اعتدى عليه فلن يرد الإساءة بالمثل مخافةً من الله تعالى، ثم انتقل إلى توعيته بعقاب الله إن هو أقدم على هذا الأمر: (إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ * وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ).
- برغم نصائح هابيل لقابيل وتذكيره بالعاقبة لم يمنع قابيل حسده وحقده من قتل أخيه، فقتله مستغفلًا إياه، وترك جثته طريحة الأرض تنهشها الحيوانات المتوحشة، ولم يدر ما يفعل، وبينما هو سارحٌ في حسرته إذ يتنبه لغرابين يقتتلين، فيقتل أحدهما الآخر، ويبدأ بحفر الأرض.
- في العادة فإن الطيور على اختلاف أنواعها تنهش الأرض بحثًا عن الطعام، وعادة الغربان أن تخفي الأشياء تحت الأرض، قال أبو مسلم: إن من عادة الغراب دفن الأشياء، فجاء الغراب فدفن شيئاً فتعلَّم ذلك منه، ولمَّا رأى القاتلُ الغرابَ يبحث في الأرض، وتعلَّم منه سُنَّة الدَّفْن، وظهر له من ضعفه وجهله ما كان غافلاً عنه " قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي * فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ" وقد راقب قابيل الغراب في البداية عندما رآه يحفر الأرض، لكن الحفرة كانت كبيرة قليلًا، مما دعاه للإستغراب ومتابعة المشهد، فإذ بالغراب يلقى أخاه الذي قتله في الحفرة ويسدل عليه بالتراب، حتى اختفى تمامًا تحت الأرض، فوقع قابيل في حسرته وشر أعماله، وأخذ يلوم نفسه على سوء تقديره، فكيف لم يخطر له أن يواري سوءة أخيه ويخفي جثته؟! وكيف يكون هذا الغراب أهدى منه؟! (فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ * قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ).
- بعدها دفن قابيل أخاه وفعل كما فعل الغراب ومضى، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُقتل نفس ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل" أي ظلمًا. رواه أبو داود، فعلم من ذلك أن قابيل ما تاب من قتله لهابيل.