ضبط المصحف: إجراء حركات تحسينية للرسم العثماني في المصحف الشريف، تتمثل في علامات مخصوصة تلحق الحرف، للدلالة على حركة مخصوصة، أو هي القواعد التي تساعد على القراءة الصحيحة كضبط الحروف بالحركات الإعرابية من تنقيط الحروف، وعلامات الوقف، والأحرف الصغيرة والفتح والضم، والكسر والسكون، والشد والمد.
ويعود بداية ذلك الأمر إلى عهد الخليفة علي بن أبي طالب، عندما اتسعت رقعة الدولة الإسلامية، مما أدى إلى دخول أعداد كبيرة في الإسلام، بعضهم من العرب، والبعض الآخر من العجم، فأدى ذلك إلى اختلاط المجتمع الإسلامي، واختلط العرب بالأعاجم، واختلطت اللهجات وأصبح العالم الإسلامي ضخمًا يموج بمختلف الأجناس، فشاع اللحن وكثر الغلط، حيث كانت المصاحف العثمانية في بداية كتابتها خالية من التنقيط والتشكيل، وكان الناس لا يجدون مشقة في قراءتها والتفريق بين الكلمات وذلك لفصاحتهم وسرعة البديهة عندهم، وبسبب فطرتهم العربية السليمة، وتلقيهم للقرآن الكريم مشافهة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فاتسعت الدولة الإسلامية وكَثُرَ الداخلون في الإسلام، واختلط العرب بالعجم، ولم يعد باستطاعة جميع المسلمين قراءة القرآن بدون التشكيل والتنقيط، مما دعت الحاجة إلى ضبط المصحف، فأمر سيدنا علي بن أبي طالب أبو الأسود الدؤلي لإيجاد طريقة لضبط المصحف، فاستحدث مبدأ النقاط على الحروف، فكان يضع نقاط حمراء على الحروف، كل نقطة تدل على علامةٍ خاصةٍ بها، وذلك حسب المكان الذي تُوضع فيه.
فكان يضع النقطة أمام الحرف علامةً على الضمة، والنقطة فوق الحرف علامةً على الفتحة، وإذا كانت تحت الحرف فهي للكسرة، واستمر العمل بهذه النقط إلى أن تم استحداث الطرق الأخرى، فجاء ما يسمى نقط الإعجام، وهي الطريقة التي وضعها نصْر بنَ عَاصِمٍ وَيَحْيَى بنُ يَعْمُر، ونقط الإعجام وهي النقاط التي تفرق بين الأحرف المتشابهة رسمًا من بعضها بلون مداد المصحف، كـ (الطاء والظاء)، فتم نقط الحروف المتشابهة بخطوط مائلة صغيرة حتى لا تختلط مع نقاط الإعراب.
ثم قام الخليل بن أحمد الفراهيدي بإجراء تحسينات على نقط الإعراب فشكل الكلمات بالحركات بدلًا من النقط، فضبط حروف المصحف بالحركات الإعرابية من تنقيط، وعلامات الوقف، والأحرف الصغيرة والفتح والضم، والكسر والسكون، والشد والمد.
وكان ذلك بهدف مساعدة قارئ القرآن على القراءة بالشكل الصحيح وبالطريقة السليمة، ولتجنب اللحن في القرآن وتغيير المعنى المراد من كلام الله تعالى، وحفظ القرآن الكريم من الضياع، وتوحيده على نسخة واحدة أجمع عليها الصحابة والتابعين في ذلك الوقت.