ما هو سبب حذف حرف النداء في قوله تعالى (ابن أم)

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
٢٨ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
تقصد الآية التي في سورة الأعراف (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي ۖ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ ۖ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ۚ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي ..(150)).

فقوله تعالى على لسان هارون ( ابن أم) حذف منه حرف النداء الذي هو (يا) ، بينما ظهر في آية سورة طه وهي قوله تعالى (  قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي .. (94)).

فحُذِفَ حرف النداء في سورة الأعراف وأُثبِتَ في سورة طه ، لأن السياق في سورة الأعراف كان يقتضي الإيجاز والاختصار  ، بخلاف السياق في سورة طه الذي كان يقتضي الإطالة والبسط .

فمن أغراض ومقاصد حذف ( يا ) النداء من السياق هو الإيجاز والاختصار ، والحذف يدل على ذلك .

وتوضيح سبب الاختصار والإيجاز في سورة الأعراف أن السياق كان سريعاً وفيه إظهار لشدة غضب موسى عليه السلام على قومه لما عبدوا العجل في غيبته ، وليس السياق سياق حوار وأخذ ورد ونقاش ، فالآية ذكرت حال رجوع موسى غضباناً أسفاً على قومه وصورته وهو يلقي الألواح التي فيها التوراة من شدة الغضب ، ومعاجلته إلى أخذ رأس أخيه هارون ولحيته معاتباً له على ما فعل قومه من بعده، فاقتضى السياق حذف ( يا ) النداء انسجاماً مع هذا السياق ، وإظهاراً لمعاجلة هارون أيضاً في إظهار عذره في عدم ترك قومه .

أما في سورة طه فالمقام والسياق كان سياق حوار ونقاش ، حيث ذكر سبحانه ما جرى بين السامري وبني إسرائيل ، وما جرى بين هارون وببي إسرائيل وإنكاره عليهم ، ثم ذكر سبحانه عتاب موسى لأخيه هارون عليهما السلام ، فهذا السياق اقتضى الإطالة وتبسط هارون عليه السلام في إظهار العذر ، فأثبتت ( يا) النداء انسجاماً مع السياق .

فسبحان الذي أنزل هذا الكتاب فأحكمه !