سمين بذلك إظهاراً لشرفهن وكرامتهن وعظم حقهن وتحريم الزواج بهن، فحقهن على كل مسلم ومسلمة كحق الأم من النسب التي ولدته في البر والإحسان والتعظيم والتوقير.
وهذه التسمية ثابتة بالقرآن في قوله تعالى في سورة الأحزاب (النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ..( 6))
وهذا التكريم لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم هو فرع من تكريم النبي وحفظ حقه ومعرفة قدره، فلما كان نبينا بتلك المنزلة العظيمة شرف الله زوجاته الطاهرات العفيفات بأن جعل حقهن على كل مسلم كحق أمه عليه .
وهذا التكريم هو في ذات الوقت مكافأة لزوجات النبي عليه السلام على صبرهن معه في حياته التي لم يوسع عليهن فيها، بل رضين بما رضيه النبي عليه السلام لنفسه من حياة الكفاف، فكن خير زوجات له عليه الصلاة والسلام .
فكما أن المسلم مأمور ببر أمه وطاعتها والإحسان إليها وتوقيرها وتعظيمها وحبها، فكذلك زوجات النبي عليه السلام في هذه الحقوق، وكذلك في حرمة الزواج بهن إكراماً لفراش رسول الله عليه السلام كما قال تعالى ( وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا تنحكوا أزواجه من بعده أبداً إن ذلكم كان عند الله عظيماً ).
ولكن هذا الحق وهذا التشبيه بحق الأم وحرمة النكاح لا يعني أنهن صرن محارم لجميع المسلمين بحيث يجوز لهم الخلوة بهن والنظر إليهن بدون حجاب ولمسهن ونحو ذلك مما لا يجوز إلا للمحارم، بل هن في هذه الأمور شأنهن شأن سائر نساء المؤمنين بل أعظم، وقد خصهن الله بالخطاب في آيات سورة الأحزاب فأمرهن بالحجاب ونهاهن عن التبرج ، ونهى المؤمنين عن الدخول عليهن وسؤالهن إلا من وراء حجاب .
والله أعلم