نشكر الأخ أو الأخت السائلة لحرصها على معرفة أحكام دينها ، وعلى مكارم الأخلاق ، والوحدة ونبذ الخصومة - وخاصة في هذا الشهر الفضيل ( شهر شعبان ) والذي ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى - فلا يقبل الله سبحانه وتعالى عمل من متخاصمين .
فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (تعرض الأعمال في كل يوم خميس واثنين، فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئ لا يشرك بالله شيئا؛ إلا امرأ كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال: اركوا هذين حتى يصطلحا، اركوا هذين حتى يصطلحا.) رواه مسلم
- والتخاصم : هو العداوة والقطيعة والشجار و( المحاربة ) أي قطع العلاقة نهائياً بين المسلم وأخيه المسلم بحيث لا يتحدث معه ولا يرد عليه السلام .
- وحكم المخاصمة والتخاصم في ديننا منهي عنه ومحرم في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
أولاً : أدلة النهي عن التخاصم في القرآن الكريم :
1- قال الله تعالى : ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )سورة الأنفال/46 .
2- وقال الله تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) سورة آل عمران/103 .
- ثانياً : أدلة النهي عن التخاصم في السنة النبوية :
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تَبَاغَضُوا ، وَلا تَحَاسَدُوا ، وَلا تَدَابَرُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ، وَلا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ) رواه البخاري ومسلم.
2- عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا ، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ ) رواه البخاري ومسلم.
3- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلا رَجُلا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ ، فَيُقَالُ : أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ) رواه مسلم
-قال النووي : معنى " ( أَنْظِرُوا هَذَيْنِ ) أي : أَخِّرُوهُمَا حَتَّى يَرْجِعَا إِلَى الصُّلْح وَالْمَوَدَّة " .
4- عن أبي خراش السلمي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ ) رواه أبو داود
- والذي يجب فعله في حالة التخاصم هو :
1- تذكير المتخاصمين بالأدلة والنصوص الشرعية السابقة .
2- محاولة تقريب وجهات النظر ونقاط الاتفاق فيما بينهم .
3- مخاطبة كل شخص منهم على انفراد -ويمكن الكذب عليه في هذه الحالة - بحيث تقول له: إن فلان ذكرك بخير ويريد أن يتصالح معك - .
4- تسوية الأمور المتخاصم عليها إن كانت مادية بالطريقة التي يرغبان بها وبحضور الشهود .
5-إحداث تغيرات في العلاقات وإعادة الثقة بين الطرفين
6- العمل على توفير بيئة مناسبة للطرفين ليتمكن الطرفين من الجلوس والتحاور بهدوء .
فيجب على من يلجأ إلى التخاصم أن يتذكر بحرمة هذا العمل ويتذكر قول الله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم ، ويحاول قدر المستطاع أن يعجل بالصلح ، وينبغي علينا أن نشدد ونحث على نبذ الفرقة والخلاف ، وأن يتجاهل الإنسان قدر المستطاع الخوض في الخلافات والنزاع
ونسأل الله أن يوفقك لما فيه الخير