ما هو حكم الآباء الذين يفرقون فى معاملة الأبناء ويميزون الولد عن البنت في الإسلام؟

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
١١ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
تمييز الوالد بين أولاده في المعاملة لا يجوز وهو محرم ، وإذا كان سبب التمييز هو محبته الذكر أكثر من الأنى فهو أشد تحريماً لأنه من أخلاق الجاهلية وعاداتهم التي جاء الإسلام بهدمها .

ولما جاء والد الصحابي بن بشير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي _ يعني وهبته هذا الغلام هدية له - ، فقال له رسول الله : أكل ولدك نحلتهم مثل هذا ؟ قال : لا ، فقال : فرده - يعني أمره برد العطية لأنه لم يسو بين أولاده فيها .

وفي رواية "أشهد على هذا غيري " .
وفي رواية أخرى "فلا تشهدني إذاً " .
وفي رواية "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ".
وفي رواية قال له "أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء ؟ قال : بلى ، قال :فلا إذاً " .

فهذا الحديث برواياته يؤسس قاعدة وجوب المساواة في معاملة الأبناء وعدم التمييز بينهم ، وأن هذا التمييز من الظلم الذي ينبغي على الأب البعد عنه ، وأن الحكمة من ذلك أن الأب كما يحب أن يرى كل أولاده بارين به حافظين حقه ،فكذلك يجب عليه أن يعدل بينهم .

سبب النهي عن التمميز بين الأبناء :

ثم إن هذا التمييز بين الأولاد في المعاملة والعطية والهبة يثير الحقد والكراهية ويولد الضغينة بين الأولاد ، فإذا سكتوا في حياة الأب ، فإن الحال لن يكون كذلك بعد وفاته ، بل سينقلب سكوتهم حرباً وقطيعة بين الأرحام ، فيكون هذا الأب قد قطع رحمه وأساء إلى أبنائه ودمر أسرته وشتت شملها وفرق جمعها !

والأنكى أن يكون سبب التمييز عائداً إلى عادة من عادات الجاهلية وهي تفضيل الذكر على الأنثى ،باعتبار أن الأنثى ضعيفة لا تنفع ولا تدفع عن حسب ولا جاه ، ثم إن مآلها إلى الغريب يتزوجها وتحسب عليه ، فإعطاؤها مالاً هو إعطاء لغريب !

وبينما هذا فهم كثير من الناس في زمننا فإن الإسلام قد هدم هذا الفهم قديماً ، عندما بشرنا رسول الله بأجر من يرزقه الله ببنات سواء كانت واحدة أو اثنيتن أو ثلاث ، فيربيهن ويحسن إليهم ويقوم على شأنهن ، فإنهن يكن وقاية لوالدهن من النار ، وسبباً في دخول الجنة .

ثم ما يدري هذا الأب المسكين من الذي يعتني به ويبره في كبره ؟! فكم من الآباء لما كبروا عقهم أبناؤهم ورموهم ولم يجدوا من يقوم بهم ويبرهم إلا بناتهم .

لذلك الواجب على هذا الأب أن يتقي الله في معاملة أولاده ويسوي بينهم ،حتى يبروه في كبره ،ويحفظ عليهم ألفتهم وعلاقتهم ولا يكون سبباً في تقطيع رحمه .

والله أعلم