حكم استخدام السبحة جائزة ولا حرج في استخدامها بشرط أن لا يكون في استخدامها رياء للناس. ولكن التسبيح بعقد الأصابع أفضل باتفاق العلماء.
فقد أقر وأجمع الفقهاء على أن التسبيح والذكر بالأصابع أفضل لما ثبت ذلك في السنة الصحيحة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليكن بالتهليل والتسبيح والتقديس ولا تغفلن فتنسين الرحمة واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات مستنطقات) رواه أبو داود
-ومما يثبت جواز استخدام المسبحة:
ما رواه سعد بن أبي وقاص أنه قال: (دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به فقال أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل فقال سبحان الله عدد ما خلق في السماء وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض وسبحان الله عدد ما خلق بين ذلك وسبحان الله عدد ما هو خالق والله أكبر مثل ذلك والحمد لله مثل ذلك ولا إله إلا الله مثل ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك). رواه أبو داود والترمذي.
-فيتبين لنا بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقرها على ذلك وأرشدها إلى الأفضل وهذا يدل على الجواز.
-أما ما ورد في كون المسبحة بدعة: فقد ورد رأيين منهم من قال بأنها بدعة ومنهم من لم يعتبرها بدعة.
فقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين: هل التسبيح بالمسبحة بدعة فأجاب:
التسبيح بالمسبحة تركه أولى وليس ببدعة: لأن له أصلاً وهو تسبيح بعض الصحابة بالحصى، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى أن التسبيح بالأصابع أفضل وقال " اعقدن - يخاطب النساء - بالأنامل فإنهن مستنطقات "
-فالتسبيح بالمسبحة ليس حراما ولا بدعة ولكن نقول تركه أولى لأن الذي يسبح بالمسبحة ربما يحصل عنده نوع من الرياء.
-فلأسف نشاهد بعض الناس بحمل مسبحة فيها ألف خرزة في عنقه وكأنما يقول للناس: أنظروني إني أسبح ألف تسبيحة، ربما الشخص الذي يسبح بالمسبحة في الغالب يكون غافل القلب وشارد الدهن ولهذا تجده يسبح بالمسبحة وعيونه في السماء وعلى اليمين وعلى الشمال مما يدل على غفلة قلبه، وربما تجده يشاهد التلفاز وهو يسبح.
-فالأفضل للمسلم أن يسبح بأصابعه والأولى أن يسبح باليد اليمنى دون اليسرى لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعقد التسبيح بيمينه ولو سبح بيديه جميعا فلا بأس لكن الأفضل أن يسبح بيده اليمنى فقط.
-ومنهم من قال أنها بدعة وهم فئة قليلة وقد استدلوا على ذلك:
أولا: أنه مخالف للسنة ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم هو بدعة ليس له أصل في الشرع والعبادات توقيفية لا يتعبد الله بشيء إلا بما شرع.
ثانيا: ما روي عن كراهة ابن مسعود وأصحابه لذلك، وقال ابن وضاح في كتابه البدع: (عن يسار أبي الحكم، أن عبد الله بن مسعود حدث أن أناسا بالكوفة يسبحون ببالحصىفي المسجد، فأتاهم، وقد كوم كل رجل منهم بين يديه كومة حصا، قال:
فلم يزل يحصبهم بالحصى حتى أخرجهم من المسجد، ويقول: «لقد أحدثتم بدعة ظلما، أو قد فضلتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما).
وعن إبراهيم أنه كان ينهى ابنته أن تعين النساء على فتل خيوط التسابيح التي يسبح بها أخرجه ابن أبي شيبة.
-أما رأي الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في السبحة فله قولين:
الأول: أن السبحة بدعة لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إنما حدثت بعده صلى الله عليه وسلم فكيف يعقل أن يحض صلى الله عليه وسلم أصحابه على أمر لا يعرفونه؟ والدليل على ما ذلك حديث ابن مسعود الذي ذكر سابقا.
الثاني: أنه مخالف لهديه صلى الله عليه وسلم قال عبد الله بن عمرو: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه. وقال ولو لم يكن في السبحة إلا سيئة واحدة وهي أنها قضت على سنة العد بالأصابع أو كادت مع اتفاقهم على أنها أفضل لكفى فإني قلما أرى شيخا يعقد التسبيح بالأنامل!
وخلاصة القول: أن الراجح من القولين هو أن استعمال السبحة في عد الذكر جائز
ولكن التسبيح بعقد الأصابع أولى وأفضل.
والله أعلم.