القرض المتعثر إما إن يكون عند مصرف (بنك) ربوي أو عند مصرف (بنك) إسلامي :
- فإن كان عند بنك ربوي : فالقرض في أصله ربوي محرم ، وجدولته ستتضمن دفع زيادة ربوية إضافية ، لأن هذه البنوك لا تجدول الديون إلا بفوائد مركبة على الفائدة الأصلية وزيادات مقابل تأخير السداد ، وهذا صريح ربا الجاهلية الذي جاء القران بتحريمه وتسمية فاعله محاربا لله ورسوله في قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) ، وهو ما يسميه الفقهاء ربا الديون القائم على ( أخرني وأزيدك) ، وهو محرم من كبائر الذنوب كما قلنا .
ولكن إن كان المدين تائب فعلا من هذا الدين ولكنه متعثر ولا يملك سبيلا للسداد وعدم سداده الدين سيؤدي به إلى السجن ولا طريق آخر أمامه ، فإنه يعد في هذه الحالة مكرها على الدخول في هذه الجدولة ، فيجوز له بقدر الضرورة التي تدفع عنه السجن وعليه أن يجتهد في سد هذا القرض ما استطاع حتى يتخلص من إثم الربا ، وما يدفعه حرام على البنك أخذه قطعا ، ولكن جاز له هو كمدين دفعه لدفع ضرر الحبس عنه فقط .
- وإن كان عند مصرف إسلامي : فالواجب الشرعي على المصرف الإسلامي هو إنظار المعسر وإمهاله امتثالا لقوله تعالى ( وإن كان ذو عسرة فنظرة لميسرة ) ، لكن الواقع أن المصارف الإسلامية لا تمهل المعسرين ، فإن كان جدولة الدين بغير زيادة على أرباح الدين الأصلي فلا بأس في هذه الحال ، وهو جائز لأنه يعد نوع مسامحة من المصرف الإسلامي وزيادة في مدة السداد وتخفيض في الأقساط دون زيادة على الدين الأصلي.
لكن هناك طريق أخرى تفعلها بعض المصارف الإسلامية وهي ما يسمى (قلب الدين) بحيث يعطونه دينا آخر يسدد به دينه السابق ويأخذون زيادة على الدين الجديد تسدد أرباح الدين القديم والجديد ، وهي حيلة في المحصلة على مسألة أخرني وأزيدك ومحصلها في النهاية يؤدي نفس ما تقوم به المصارف الربوية من الجدولة .
ومثل هذه الحيلة لا يجوز للمصارف الإسلامية اللجوء إليها ، ولكن يقال في حق المدين المعسر كما قيل في حالة المصارف الربوية أنه إذا اضطر إليها وخير بينها وبين الحبس فيجوز له ذلك حينها من باب الإكراه ودفعا للضرر عن نفسه .
والله اعلم