خاضت الإمبراطورية البيزنطية والدولتان العباسية والفاطمية سلسلة من المعارك في العراق وفلسطين وسوريا والأناضول وجنوب إيطاليا للهيمنة على شرق البحر الأبيض المتوسط. بعد فترة من المعارك الحدودية غير الحاسمة والبطيئة، سمحت سلسلة انتصارات بيزنطية متتالية في أواخر القرن العاشر وأوائل القرن الحادي عشر لثلاثة أباطرة بيزنطيين، وهم: نقفور الثاني فوكاس، ويوحنا زيمسكي، وباسيل الثاني، باستعادة الأراضي المفقودة في الحروب العربية البيزنطية في القرن السابع عندما كانت الإمبراطورية البيزنطية تحت حكم السلالة الهرقلية
نتيجة لذلك، استولى البيزنطيون على أجزاء كبيرة من سوريا باستثناء عاصمتها دمشق، حتى ولو لبضع سنوات فقط، وصبغوها بطابع جديد مندمج في الإمبراطورية الآخذة في التوسع. بالإضافة إلى المكاسب الطبيعية للأراضي والثروات والقوة البشرية التي حققتها هذه الانتصارات، ألحق البيزنطيون أيضا هزيمة نفسية بخصومهم من خلال استعادة الأراضي التي تعتبر مقدسة وهامة للعالم المسيحي، وخصوصًا مدينة أنطاكية، ما مكن البيزنطين من السيطرة على اثنين من أهم خمسة بطاركة في العالم المسيحي
مع ذلك ظل العرب خصمًا شرسًا للبيزنطيين، كما انتعشت الدولة الفاطمية بعد حوالي عام 970م وأصبحت أكثر قوة، كما سنحت لها فرصة لرد عدد من هزائهمها السابقة والانتصار.
حين استولت بيزنطة على أجزاء كبيرة من فلسطين، تُركت القدس كما هي دون مس، وكان يمكن للنصر الأيديولوجي الناجم عن الحملة أن يكون عظيمًا لو استعادت بيزنطة هذا المقر البطريركي الرابع للمسيحية. انتهت المحاولات البيزنطية لوقف الغزو العربي البطيء و الناجح لصقلية بفشل ذريع، ولم تعد سوريا مقاطعة بيزنطية بعدما استولى الأتراك على مدينة أنطاكية في الوسط حوالي عام 1084م. أعاد الصليبيون المدينة إلى الحكم المسيحي عام 1097م، ولكن أنشئت محمية بيزنطية على الممالك الصليبية في القدس وأنطاكية تحت حكم مانويل الأول كومنينوس. تسبب موت مانويل كومنينوس عام 1180م بإنهاء الحملات العسكرية البعيدة عن القسطنطينية، وبعد الحملة الرابعة انخرط البيزنطيون والعرب في نزاعات أخرى إلى أن غلبهم الأتراك العثمانيون في القرنين الخامس عشر والسادس عشر على التوالي