ما هو الفرق بين لص فقير ولص ثري من حيث الشخصية؟

1 إجابات
profile/دانية-رائد
دانية رائد
باحث في العلوم الإنسانية في Freelance (٢٠١٧-حالياً)
.
١٠ مارس ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
    يعتبر المختصين في علم النفس والجريمة السرقة من العيوب والفجوات بالشخصية بغض النظر عن الحالة الاجتماعية لمرتكبيها. والمدهش في الموضوع أن سرقات الأغنياء والمرتاحين ماديًا أكثر بمراحل من سرقات الفقراء، بل ووجدت الدراسات أن الأمور التي يقومون بسرقتها بخيسة الثمن؛ ففي أحد الحالات قامت أحد النساء الغنيات بسرقة عبوة معجون أسنان من البقالة المجاورة لقصرها الضخم الذي يقع على أحد المرتفعات!.

    وعندما تمت أحد التجارب المهتمة بدراسة بالكرم والسخاء المتواجدين لدى الأغنياء والفقراء؛ وجد أن الفقراء كانوا أكثر سخاءً وكرمًا في التبرع بالمقارنة مع الأغنياء، إذا أن بعض الأغنياء رفضوا التبرع بشكل مطلق. هذا لا يعني طبعًا أن الفقراء لا يسرقون؛ لكن احتمالية إلقاء القبض على الفقراء ومحاسبتهم قانونيًا أكبر من إلقاء القبض على الأغنياء الذين يفضل الناس تجنب التعامل مع أشخاص بمثل مكانتهم الاجتماعية ونفوذهم.

     أعتقد أن من الأنسب تسليط الضوء على النقاط المتشابهة بين السارق الغني والفقير؛ فكما وضحت سابقًا السرقة من الفجوات الشخصية التي لا تتعلق بالحالة المادية. الديناميكية التي تؤثر على تغيير الناس لمعاييرهم الأخلاقية بحيث يندفعون للسرقة تعود إلى الشعور بالحرمان المادي؛ فالحرمان المادي يدفع البشر إلى أفعال بسيطة مثل السرقة لأمور ضخمة مثل الاختلاس. ولا يتوقف الأمر على السرقة، فالحرمان المادي يدفع الأفراد إلى سلوكيات مخربة بدافع الانتقام؛ كأن يقوم أحد الموظفين بحذف الملفات الحساسة للشركة أو يقوم بأخذ الأدوات المكتبية لاستخداماته الشخصية لأن الشركة قامت بطرده أو خصصت مرتب منخفض له.

      ولا يحتاج الفرد للمرور بحرماني مادي كبير أو لفترات طويلة لكي يندفع لسلوكيات مثل السرقة والغش؛ فالحرماني المادي البسيط جدًا عند الأغنياء والفقراء كافٍ لتحريك المنظومة الأخلاقية لديهم بما يتناسب السلوكيات غير السوية كالسرقة، فالتحريك غير الواعي سيجعلهم قادرين على وضع عدة حجج تجعل أفعالهم الخاطئة منطقية وصحيحة في رأيهم، فكما قال سقراط:" لا أحد يرتكب عملاً شريرًا عن علم، فالشر يتحول إلى خير في العقل".

      هنا يأتي الخطيط الرقيق بين اللص الفقير واللص الغني؛ الذي وهو المحفز للحرمان المادي. فالحرمان المادي الذي يشعر به الشخص الفقير يختلف بشكل مخيف عن ذاك الذي يشعر به الشخص الغني؛ فالفقير يشعر بالحرمان المادي اتجاه الأمور الأساسية التي ستبقيه على قيد الحياة كالطعام والشراب، فمعظم المتشردين الذي يتم القبض عليهم بتهمة السرقة تجدهم يحملون مجموعة من المعلبات والخبز أو الحليب الخاص بالرضع. فاللص الفقير يسرق في معظم الحالات لكي يعيش، إذا اعتبرنا أنه لا يتعاطى المواد المخدرة أو المشروبات الكحولية.

     ومن المهم تسليط الضوء على اللصوص الفقراء القادمين من خلفيات عائلية عاشت على السرقة، فتجده من نعومة أظافره يتلقى الطعام الذي قام بسرقته أبواه أو أخوته الأكبر سنًا، ليتم دفعه من قبل عائلته إلى هذا النمط من الحياة ليساعدهم على تحصيل قوت يومهم. هذا النمط قد يجعل بعض الفقراء يمتلكون أفكار راسخة عن نوع الحياة التي يستطيعون العيش بها، فالسرقة تصبح الحل الوحيد لأمثالهم  للعيش -كما يعتقدون-.

     بينما تنبع سرقات الأغنياء من الخطيئة التي سفكت العديد من دماء أصحابها في الماضي؛ الجشع. يتكون الشعور بالحرمان المادي عند الأغنياء عندما يقومون بمقارنة أنفسهم بمن هم أغنى منهم، فمهما كان الشخص غنيًا سيكون هناك في الحاضر أو بالمستقبل من هو أغنى منه. وفي بعض الحالات يقوم الأشخاص الأغنياء بمقارنة الوضع المادي الحالي لهم بوضعهم المادي في الماضي، مما يشعرهم بحرمان مادي حتى ولو كانوا يعيشون حاليًا في رخاء.

     لعل الحرمان المادي يجعل الأغنياء يندفعون لطرق وسلوكيات غير قانونية كالاختلاس مثلًا لكي يحصلوا مصالحهم الذاتية بأكبر قدر وسرعة ممكنين. لكن في بعض الحالات -خاصة بالسرقات الصغيرة- يقوم اللصوص الأغنياء بالسرقة لإضافة المرح والتحدي إلى حياتهم دون الاهتمام للطرف المتأذي لاعتقادهم أنهم فوق القانون، فبنظرهم الأمر بأسره لعبة يفوزون فيها عندما يكونوا قادرين على الهرب من قبضة العدالة.

     إذا لم يتم حل مشكلة الحرمان المادي لن يكون هناك قدر كافٍ من المادة لإشباع شعور النقص المتواجد لدى اللص الغني والفقير؛ فكم سمعنا عن أشخاص خرجوا من قبضة الفقر أو صعدوا درجات الغنى عن طريق السرقة، ولم يتوقفوا عن ممارسة هذا السلوك حتى تم القبض عليهم وتعرضوا للمحاسبة القانونية. 

  • مستخدم مجهول
  • مستخدم مجهول
قام 2 شخص بتأييد الإجابة