ما هو التنبيه الذي افتتحت به سورة يوسف وما هي الحكمة من ذلك

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٠٩ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
  التنبيهٌ الذي افتتحت به سورة القصص هو إنعام الله تعالى على هذه الأمة بآيات القرآن ﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [سورة يوسف: 1، 2]،

- ففي هذه السورة إخبارٌ أن الله تبارك وتعالى قد أنزل آيات من الكتاب المبين وحياً من عنده سبحانه وتعالى، وجعلها الله تبارك وتعالى بأسلوب عربي واضح مبين لكي يفهمها الناس ويعقلوا بها طبيعة الأمور وحقائقها.
 
- فكانت بداية السورة بالحروف المقطعة والتي جاءت على سبيل التحدي والإعجاز ولا يعلم معناها الحقيقي إلا الله تعالى.

- وهي تشكل نصف حروف اللغة العربية غير المكرر منها مثل (ألم في البقرة)، (الم في آل عمران).
- مجموعة في جملة حكيمة هي (نص حكيم قاطع له سر).

- وبعض العلماء والمفسرين تكلموا بها على أقوال:
- فبعضهم قال أنها اسم من أسماء السورة نفسها التي وردت بها تلك الأحرف.
- وبعضهم قال هي اسم من أسماء القرآن الكريم.

- ولكن الراجح من الأقوال: أنه لا يعلم معناها إلا الله وهي من الإعجاز البياني المتحدي به، وكأن الله تعالى يتحدى العرب الذين كانوا يشتهرون بالفصاحة والبلاغة والشعر: أن هذه الأحرف من جنس ما تتكلمون به، وأن هذا القرآن من جنس هذه الأحرف فأتوا بقرآن مثله!!

وقد تحداهم الله تعالى أن يأتي بالقرآن على ثلاث مراحل:
1- تحداهم أن يأتوا بقرآن كامل مثله قال تعالى: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾. الإسراء 88

2- تحداهم أن يأتوا بعشر سور مفتريات: قال تعالى (أمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) هود 13

3- تحداهم أن يأتوا بسورة مثله قال تعالى: (أَم يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾. يونس 38

- ولعل الحكمة هي ما سيأتي ذكره بعد هذه الآيات من سرد قصة يوسف عليه السلام، أي أن هذا القرآن المعجز العربي المبين المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم عليم، هو نفسه من سيقص عليكم هذه القصة، فهذا تنبيه تأكيدي أن هذا القصة وتفاصيلها وحي من عند الله تعالى، ليس لمحمد صلى الله عليه وسلم أي علاقة في سردها.

- وهناك تنبيه آخر في السورة وهو قوله تعالى: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ﴾ [سورة يوسف: 3]

- وسميت بأحسن القصص لأنها تحدثت عن نبي الله تعالى يوسف عليه السلام منذ طفولته حتى وفاته في سورة واحدة.

- فجاءت بعكس المعهود في القرآن وهو أن يجزِّئ الله القصة على سورٍ شتى، فيذكر هنا بعضها وهنا بعضها وهناك بعضاً آخر، أما قصة يوسف فقد اجتمعت في هذه السورة دون تفرقة، اجتمعت من أولها من طفولته إلى آخرها حيث أتم الله نعمته عليه وعلى آل يعقوب، فهذه خاصية تتميز بها هذه السورة، ولم يُذكر اسم يوسف غير هذه السورة إلا في سورة الأنعام مرة وفي سورة غافر مجددا.
 
-فهي من القصص الرائع الجميل، وجمعها في مكانٍ واحد يريح القارئ، وجمعها بأحداثها متوالية يجعل الإنسان يعيش بحسّه وخياله في ذلك العصر أينما كان، وفي تلك البيئة التي كان فيها يوسف عليه السلام، ويتدرج معه في الأحداث هذا التدرج الرائع الذي عرضته هذه السورة عرضاً جميلاً رائقاً ممتعاً.