عن ابن عباس، قوله: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا) سورة الجن 19 يقول: لما سمعوا النبيّ صلى الله عليه وسلم يتلو القرآن، ودنوا منه فلم يعلم حتى أتاه الرسول، فجعل يقرئه: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ.
- وقد اختلف أهل التفسير والتأويل في قوله تعالى: (كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا) على ثلاثة أقوال.
القول الأول: أنه من إخبار الله تعالى عن الجن، يحكي حالهم، والمعنى: أنه لما قام يصلي، كاد الجن لازدحامهم عليه يركب بعضهم بعضاً؛ حِرْصاً على سماع القرآن، رواه عطية عن ابن عباس.
القول الثاني: أن هذا القول كان من قول الجن لقومهم لما رجعوا إليهم، فوصفوا لهم طاعة أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، واهتمامهم به في الركوع والسجود، فكأنهم قالوا: لما قام يصلي كاد أصحابه يكونون عليه لبداً، وهذا المعنى في رواية ابن جبير عن ابن عباس.
القول الثالث: المقصود لما قام رسول الله صلّى الله عليه وسلم بالدَّعوة: تلبَّدت الإنس والجن، وتظاهروا عليه، ليبطلوا الحق الذي جاء به، قاله الحسن، وقتادة، وابن زيد ".
انتهى من "زاد المسير"
- وقال ابن كثير رحمه الله: " وقال قتادة في قوله: (وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا) قال: تلبدت الإنس والجن على هذا الأمر؛ ليطفئوه، فأبى الله، إلا أن ينصره ويمضيه، ويظهره على من ناوأه.
وأن هذا القول مروي عن ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وقول ابن زيد، واختيار ابن جرير، وهو الأظهر؛ لقوله بعده: (قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا) أي: قال لهم الرسول؛ لما آذوه، وخالفوه، وكذبوه، وتظاهروا عليه، ليبطلوا ما جاء به من الحق واجتمعوا على عداوته: (إنما أدعو ربي) أي: إنما أعبد ربي وحده لا شريك له، وأستجير به، وأتوكل عليه، (ولا أشرك به أحدا) "انتهى من " تفسير ابن كثير"
- وقيل في تفسير الآية السابقة أن هذا عبارة عن خبر من الله عن أن رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم لما قام يدعوه كادت العرب تكون عليه جميعا في إطفاء نور الله.