ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم(أعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي)؟

1 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
دكتوراة في الفقه وأصوله (٢٠١٠-٢٠١٣)
.
١١ فبراير ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
هذه اللفظة جاءت في حديث رواه النسائي وابن ماجه والبخاري في كتاب الأدب المفرد وغيرهم  :

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الكلمات إذا أصبح وَإذا أَمْسَى : (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ مِنْ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تحتي) .

والحديث رجاله ثقات وصححه ابن حبان وقال عنه الحاكم : صحيح الإسناد ، وقال عنه ابن حجر " حسن غريب ، فالعلماء على صحة هذا الحديث .


وأما معنى عبارة ( وأعوذ بعظمتك ان أغتال من تحتي ) :

فقد فسرها جبير بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم راوي الحديث عن ابن عمر رضي الله عنه : بأنه الخسف  .

فكأن النبي عليه الصلاة والسلام بعد أن دعا الله أن يحفظه من جهاته كلها من كل سوء وشر ظاهر أو باطن ، استعاذ في الآخر من أن يأتيه البلاء من تحته بالخسف .

 وهذا الخسف قد يكون خسفاً عاماً ، كالخسوفات التي تحدث في آخر الزمان التي هي من علامات الساعة ( خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب ) ، وهذا يكون على الأشرار غالباً ، فالخسف والمسخ هو من العقوبات التي سلطها الله على العصاة والأمم المكذبة ، وقد جاء في بعض الأحاديث أنه سيكون هناك مسخ وخسف في آخر هذه الأمة .
 
فهو لما يستعيذ بالله من الخسف من تحته ، فكأنه يستعيذ بالله من سبب هذا الخسف وهو كونه من العصاة والفجرة ، أو كونه مكثر لسوادهم مقر لمعصيتهم فيشمله العذاب فيمن يشمله .

كما روي في الحديث في الجيش الذي يغزو الكعبة فيخسف بأولهم وآخرهم ، فلما سألت عائشة رسول الله ماذا يحصل بمن كان في مكانهم وليس منهم فقال " يبعثون على نياتهم" .

وقد يكون الخسف خاصاً : كما خسف الله بقارون لما طغا واستكبر وكفر وعاند وغره ماله ، فالاستعاذة بالخسف استعاذة من مصير قارون .

وروي في الحديث أيضاً أن رجلا خرج في حلة - يعني ثوب له - يمشي متبختراً مختالاً متكبراً فخسف الله به .

فالخسف هو عقوبة للمتكبر معاملة له بنقيض قصده لما يمشي على الأرض متكبراً ، فيذله الله بالهوان والانخفاض في الأرض ، فالاستعاذة من الخسف كأنه استعاذة من عاقبة الكبر وعاقبته .

وبعض العلماء فسر الاغتيال من تحت : أنه مجيء البلاء له من جهة لا يشعر بها ولا يعرف سببه ، فاستعاذ بالله من شر البلاء الذي يعرف سببه والذي لا يعرف سببه .

والله أعلم