ما معنى قوله تعالى (شاقوا الله ورسوله)

1 إجابات
profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٢٣ مايو ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
قال الله سبحانه وتعالى: "ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ وَمَن يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" سورة الأنفال (13).

- ومعنى قوله سبحانه وتعالى: (شاقوا الله ورسوله) أي أنهم جعلوا الله تعالى ورسوله في شق، وهم في شق آخر. وفارقوا أمرَ الله ورسوله وعصوهما، وأطاعوا أمرَ الشيطان الرجيم.

- والأصل بمن يؤمن بالله ورسوله أن يلتحم معهم وليس أن يكون بينهم شقاق ونزاع.

- ومن معاني المشاقة: (المعاداة والمخاصمة)، حتى لكأن كل أحد المتخاصمين في شق ومكان يخالف شق صاحبه ومكانه أي: ذلك الذي حل بهم في الدنيا من عقاب، والذي سيحل بهم في الآخرة من عذاب، سببه أن هؤلاء الذين كفروا من أهل الكتاب، عادوا الله تعالى وخالفوا دعوة رسوله صلى الله عليه وسلم.
-وقيل معنى (شاقوا الله) أي خالفوا الله وعَصَوه وجانبوا دِينه، أو حاربوه ونابذوه.

- والآية التي قبل آية السؤال: قوله تعالى: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ۚ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ) سورة الأنفال (12)
 
- فبسبب كفرهم بالله تعالى ومخالفتهم لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتكذيبهم بما أنزل الله على رسله المتقدمين في البشارة بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وهم يعرفون ذلك كما يعرفون أبناءهم، قد فعل الله بهم ذلك وسلط عليهم رسوله وعباده المؤمنين لضربوا فوق أعناقهم ويضربوا منهم كل بنان ويقتلوهم شر قتله وهذا ما حصل في معركة بدر الكبرى حيث نصر الله تعالى رسوله والمؤمنين على الفئة الباغية (قريش).

 - فكان عقابهم وعذابهم هو عذاب استحقاق، لأنهم طالما شاقوا الله ورسوله، وطالما عاندوا واستكبروا، وعذبوا المؤمنين وطاردوهم بعد أن طردوهم، وقد أصروا على عداوة الإسلام، والقضاء على الدعوة وأصحابها فماذا يفعل المسلمون؟

- فقد آذاقوا المسلمين العذاب في مكة وتسببوا في تهجيرهم عن أرضهم وقتلهم وتشريدهم وبعدهم عن أهلهم، وتحمل وصبر المسلمون حتى اضطرهم المشركون إلى ترك مكة، فتركوها، ولم يهدأ المشركون، بل تعقبونهم في موطنهم الجديد؛ صلفًا وعنادًا وغطرسة. فماذا يفعل المسلمون؟ هل يترك المسلمون أهل مكة المشركين ليحصدوهم أفرادًا وجماعات، وعلى المسلمين أن يستسلموا للذبح كي لا يقال عنهم قتلة وسفاكي دماء؟ 
 
- ولأن الدفاع عن الحق والدعوة أمر مشروع للمنتسبين إليها المؤمنين بها، بل هو واجب عليهم، وأن حمل السلاح لرد العدوان وتأمين طريق الدعوة وإغاثة المظلومين، وتأمين الطريق كان في تحرك المسلمين خارج حدود المدينة لنشر الدعوة في سائر أنحاء العالم). أمر واجب على المسلمين، فمن الجزاء العادل أن يكون من جنس العمل. 
 
- فكانت معركة بدر الكبرى ليحق الله تعالى الحق ويزهق الباطل، وليعيد للحق مجده والعزة لأهله الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربي الله. فكانت معركة الفرقان التي فرقت بين الحق والباطل، وكانت الحد الفاصل بين المؤمن الموالي لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وبين المشاقق لله ولرسوبه المحارب لهما.

 - وقد وردت كلمة شاقوا الله ورسوبه في ثلاثة مواضع في القرآن الكريم هي:

الموضع الأول: في قوله سبحانه وتعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} (سورة النساء: 115).

الموضع الثاني: في قوله سبحانه وتعالى: {ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب} (سورة الأنفال: 13).

الموضع الثالث: في قوله سبحانه وتعالى: {ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب} (سورة الحشر: 4).