هذه الآية هي الآية رقم ( 46 ) من سورة فصلت قال تعالى :
مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (46)
والظلم المنفي في هذه الآية وإن كان يشمل نفي كل أنواع الظلم ، ولكنه أخص في هذه الآية بنفس ظلم الله عباده في حسابهم ، بأن يهضم الإنسان حقه في الطاعات والحسنات التي فعلها ، أو يوضع عليه وزر سيئات غيره ، أو يعذبه قبل إقامة الحجة عليه وبعث الرسل إليه،
وفي هذه المعنى وردت آيات أخرى تبينه :
قال تعالى ( من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) ( الإسراء ، 15)
قال الطبري في تفسر آية فصلت المسرول عنها:
يقول تعالى ذكره: من عمل بطاعة الله في هذه الدنيا, فائتمر لأمره, وانتهى عما نهاه عنه ( فَلِنَفْسِهِ ) يقول: فلنفسه عمل ذلك الصالح من العمل, لأنه يجازى عليه جزاءه, فيستوجب في المعاد من الله الجنة, والنجاة من النار. ( وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ) يقول: ومن عمل بمعاصي الله فيها, فعلى نفسه جنى, لأنه أكسبها بذلك سخط الله, والعقاب الأليم. ( وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ ) يقول تعالى ذكره: وما ربك يا محمد بحامل عقوبة ذنب مذنب على غير مكتسبه, بل لا يعاقب أحدا إلا على جرمه الذي اكتسبه في الدنيا, أو على سبب استحقه به منه ) .
وهنا سؤال مشهور على هذه الآية وهو أن كلمة ( ظلام ) صيغة مبالغة يعني كثرة الظلم ، ونفي كثرة الظلم لا يلزم منه نفي أصل الظلم ، فلماذا استخدمت صيغة المبالغة في الآية ؟
والجواب من أوجه منها :
1. أن المقصود هو نفي أصل الظلم وكثرته بشهادة آيات أخرى دلت على ذلك كقوله تعالى ( ولا يظلم ربك أحدا ) .
2. أن (ظلام) ليست صيغة مبالغة بل المقصود بها النسبة فالمقصود نفي نسبة الظلم إليه سبحانه ، كقولهم لبان وخباز .
أما سؤالك عن سبب نزول للآية فلم يذكر في ذلك سبب خاص فيما أعلم .
والله أعلم