عن عبد الله بن العباس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أكْثَرُ أهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْنَ قيلَ: أيَكْفُرْنَ باللَّهِ؟ قالَ: يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، ويَكْفُرْنَ الإحْسَانَ، لو أحْسَنْتَ إلى إحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شيئًا، قالَتْ: ما رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ". أخرجه البخاري (صحيح البخاري 29)
هذا حديث صحيح، ومعتبر، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا الحديث وعظ النبي -صلى الله عليه وسلم- النساء يومًا، فقال لهنّ أن الله تعالى بقدرته أطلعه على النار وكشف له الحجاب، فرأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ما خفي عن الناس، فأراه الله النار، فقال للنساء واعظًا لهنّ أنه حينما رآها وكشف له عنها رأى أكثرها من النساء، ثم سُأل -عليه الصلاة والسلام- عن سبب وجود أكثر النساء في النار، فقال لأنهنّ يكفرن، فسُأل هل يكفرن بالله؟ قال عليه الصلاة والسلام بل يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، وأنه لو رأت النساء ما يسرّها من زوجها طوال الدهر، ثم رأت منه شيئًا لا يعجبها، لكفرت بكل ما أحسن الرجل إليها، وقالت له ما رأيت منك إحسانًا قط، ولم تكرمني قط، أي بمعنى تنكر إحسان زوجها وحسن عشرته ولا تتذكره، مما جعل ذلك سببًا في غضب الله تعالى عليها ودخولها النار -والعياذ بالله-.
فكأن إنكار الزوجة لحسن معاملة زوجها وإحسانه لها بمثابة إنكارها لنعم الله تعالى عليها ونكران فضله، لأن الزوج الصالح الذي يمنّ الله به على النساء وإكرامهنّ بزوج يحسن لهنّ ويعاشرهنّ بالمعروف إنما هو نعمة من نعم الله تعالى لا ينبغي للمرأة جحود ذلك ونكرانه، ثم التحلي بخصائص الزوجة الصالحة المحسنة لزوجها، الشاكرة لفضله وإحسانه، والابتعاد عن الجدال العقيم الذي لا يتسبب إلّا بسوء بين الزوجين، ثم التحلّي بالصبر واستذكار النعم والصفات الحسنة بالزوج، وعدم استحضار الصفات السيئة.
كما يجب على الزوجة أن تعلم أنها مأمورة من الله تعالى لطاعة زوجها، وتقديمه بالطاعة والاهتمام والرعاية على سواه من الناس، وهنا نستذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم- " لَوْ أَمَرْتُ أحدًا أنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ؛ لأَمَرْتُ المرأةَ أنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِها؛ من عِظَمِ حَقِّهِ عليْها، ولا تَجِدُ امرأةٌ حَلاوَةَ الإيمانِ؛ حتى تُؤَدِّيَ حقَّ زَوْجِها، ولَوْ سألَها نَفْسَها وهيَ على ظَهْرِ قَتْبٍ ". حديث حسن صحيح
في هذا الحديث النبوي يبين النبي -صلى الله عليه وسلم- لنساء المسلمين أهمية طاعة الزوج وتقديمها على ما سواها من الطاعات، وعلى ذلك فإن الزوجة الناكرة لعشرة زوجها، والجاحدة لأفعاله الحسنة، فإنها تؤثم عند الله تعالى، ونخشى في ذلك نيلها لغضب الله تعالى وسخطه واستحقاق وعيده.