هذه العبارة النبوية جاءت في سياق الحديث المتفق عليه عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والدخول على النساء. فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت.
والحمو هو قريب الزوج الذي ليس من محارم المرأة كأخيه وابن عمه.
والحديث هو في الأصل نهي عن الخلوة بالنساء والكلام معهن بلا حاجة، ثم حذر رسول الله من أمر جرت عادة الناس في التساهل فيه وهو دخول أقارب الزوج خاصة أخيه على الزوجة وتعاملهم معها، وهذا أكثر وجوداً لما يكون مسكنهم متجاوراً .
وكثرة الدخول والخروج تزيل الكلفة وتؤدي إلى التساهل ، فيكون ذلك أشد خطراً في علاقة الرجل بالمرأة، وأسهل للشيطان في إيقاع الفتنة، لأن هذا التساهل مظنة اطلاع الرجل على المرأة ورؤيته لها بغير حجاب كامل ، ولا يجد هذا القريب صعوبة في الدخول على المرأة لعدم وجود ريبة في الظاهر ،فاجتماع هذه العوامل يجعل الفتنة أعظم في الحمو وأقارب الزوج من الفتنة في الأجانب،لجريان عادة الناس في التحرز من الأجنبي والتساهل في القريب للثقة فيه.
أما وجه تشبيه النبي عليه الصلاة والسلام للحمو بالموت فقد ذكر العلماء لذلك أوجه منها :
1. أن العرب تسمي كل أمر له خطر ويحذر منه بالموت فتقول مثلاً : الأسد الموت، لأن الناس تحذر الموت عادة، وكذلك الحمو بالنسبة للمرأة فيه خطر ويجب الحذر منه كما تحذر الموت.
2. أن الحمو قد يكون فيه هلاك لدين المرأة وإفساد عفتها وطهرها إذا تساهلت معه كما ان الموت فيه إهلاك للجسد والحياة، فالحمو هلاك معنوي كما أن الموت هلاك حسي .
3. أن الحمو كالموت في الاستقباح والمفسدة .
4. أن الحمو كالموت من جهة أن التحفظ منه صعب في العادة فكأنه لا بد منه كما أن الموت لا بد منه ،ولذلك يحتاج إلى مزيد حرص وحذر ونظر ، كما يحاذر الإنسان من الموت ويعد له.
والله أعلم