ما مدى أهمية حرية الصحافة، وما هي مسؤولياتها وشروطها؟

1 إجابات
profile/أريج-عالية-1
أريج عالية
educational consultant في freelance (٢٠١٨-حالياً)
.
١٢ مارس ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 عندما نتحدث عن حرية الصحافة فنحن نقصد حرية إبداء الرأي للأفراد عبر وسائل الإعلام بجميع أنواعها. فالصحافة المستقلة هي إحدى ركائز الديمقراطية الأساسية، وهي جزء من السلطة الرابعة المتمثلة في الإعلام. حيث تُحدث العديد من التغييرات في المجتمعات بتوفير المعلومات والأفكار والأدوار المناسبة لاتخاذ القرارات المصيرية وبالتالي تحديد السمات المجتمعية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. دور الصحافة الحرة المستقلة هو الضمان للمواطنين بالاطلاع الدائم على الأحداث من حولهم، وعلى أفعال حكوماتهم. مما يخلق منتدى مفتوح للنقاش والتبادل المنفتح للأفكار، مما يفرض المساءلة على الحكومات من قبل مواطنيها.

يمكن للصحافة الحرة توسيع مداركنا ونطاق معرفتنا وخبراتنا، وتمكيننا من الانتقاد وتبادل الآراء حول القضايا المحلية أو الدولية ذات الاهتمام العام، وتحميل المسؤولية لمنتسبيها. ولتلك الأدوار من أهمية في معالجة التحديات الملقاة على عاتق وسائل الإعلام ومن ضمنها الصحافة من حيث انخفاض الثقة اتجاهها من قِبل الجمهور، والهجمات الخطابية الموجهة نحوها، وإلصاق الاتهامات في اتباعها للسياسات الحكومية لا الصالح العام. لذا وجب على الصحافة تغيير اتجاهاتها، وطريقة نقدها، وأسلوبها في التعامل مع التطورات المحلية والعالمية بمنظور الحرية المرنة المحايدة، دون التسلق على عتبات الحكومات أو الأفراد، والاستعانة بالمصادر الموثوقة، والتحري الدقيق، وكسب المصداقية من خلال استخدام كل ما هو جديد من موارد ومصادر بشرية أو رقمية.

لقد ازدادت أهمية حرية الإعلام والصحافة خلال فترة الأوبئة. فمن خلال الحظر الذي استمر لشهر ونيف؛ والذي أثر بشكل عميق على المجتمع والاقتصاد والحياة اليومية، تم الاعتماد الكثيف على وسائل الإعلام للحصول على الأخبار والمعلومات لتجاوز أزمة الوباء المستحدث. وتضمنت تلك المعلومات طرق الحماية الشخصية والعامة، الآثار المترتبة على تفشي الوباء والمرض، وتقييم ردود أفعال وتصرفات وأولويات الحكومات والمجتمع العالمي. حيث سعت وسائل الإعلام وخاصة الصحافة لتكثيف الوصول للأخبار الموثوقة، وهو تحدٍ قوي بسبب الحمل الزائد للمعلومات الرقمية والاستخدام العشوائي لمختلف أدوات الاتصال ومصادر الأخبار وظاهرة اضطراب المعلومات المصاحبة. استجاب الصحفيون بالتصميم القوي للوفاء بمسؤوليتهم المعززة المتمثلة في إعلام الجمهور وتخفيف المخاطر الصحية عنهم وغيرها من المخاطر الناجمة عن الفيروس. كما ساهمت الصحافة في محو الأمية الإعلامية والمعلوماتية، وإدراك تأثير التقنيات الرقمية على حرية التعبير، وتعزيز مشاركة المجتمعات المهمشة في البيئة الإعلامية والخطاب العام.

لذلك علينا كمواطنين الاهتمام بحرية الصحافة وحرية التعبير عن الرأي واحترام الرأي الآخر لعدة أسباب منها:

1. حق حرية التعبير هي الأساس للعديد من الحقوق الأخرى:
حرية التعبير حق من حقوق الإنسان. وتوضح المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إنّ حرية التعبير تشمل حرية الرأي وحرية الصحافة وتمنح الأفراد والمجتمعات الحق في التعبير عن آرائهم دون خوف من الانتقام أو الرقابة أو العقاب. فلن يكون الحق في حرية التعبير ذا قيمة كبيرة إذا كان للسلطات أيضًا الحق في سجن أي شخص يختلف معها. تعتمد وسائل الإعلام الفعالة أيضًا على الأساس القانوني الذي تمنحه حرية التعبير الحق في العمل والإبلاغ بحرية، أحيانًا بشكل حاسم، دون تهديد أو خوف من العقاب. لكن علينا الإقرار أن حرية التعبير ليست حقًا مطلقًا تامًا، لأنها تمنع خطابات الكراهية أو التحريض على العنصرية أو العنف، وهناك العديد من لحقوق الأخرى التي تستند لحماية الفكر الحر وتتقاطع معها. تغطي حرية التعبير كل شيء من الهجاء إلى الحملات السياسية إلى المحادثات في منزلك. إنه حق إنساني أساسي يسمح للمواطنين بالتحدث بحرية دون تدخل.

2. تساعد الصحافة الحرة في توصيل المعلومات للجمهور:
دون التبادل الحر للمعلومات، لا يمكن الوصول للمعرفة، ولا يمكن للأشخاص أن يكونوا على دراية كاملة بما يدور حولهم وبالتالي التكامل مع مجتمعاتهم. يمكن للمراسلين والمدونين والمنافذ الإخبارية المحلية والوطنية إبقاء الناس على اطلاع بما يحدث في العالم من حولهم. حرية التعبير هي الدعامة القانونية التي تسمح للأشخاص بالوصول إلى معلومات حول الأحداث الجارية والمسائل ذات الاهتمام العام - سواء كان ذلك من شركات إعلامية كبيرة أو صحف محلية أو من بعضها البعض من خلال صحافة المواطنين ووسائل التواصل الاجتماعي. عندما يتم احترام حرية التعبير والاعتراف بها، تكون وسائل الإعلام قادرة على الإبلاغ بحرية عن الأحداث السياسية والاقتصادية والمجتمعية فور حدوثها.

3. حرية التعبير هي قمة الديمقراطية:
حتى نكون مجتمعًا ديمقراطيًّا، علينا أن نمتلك القدرة على تبني الآراء والتعبير عنها في نطاقات الحياة اليومية. يجب أن يتمكن الأشخاص من طرح الأسئلة ومساءلة السلطات ومعرفة القرارات التي ستؤثر عليهم حاليًّا ولاحقًا. حرية التعبير هي قيمة أساسية في العملية الديمقراطية التي تضمن قدرة الناس على مناقشة الأفكار وتبادلها وتفسيرها دون رقابة أو أعمال انتقامية. لكن قد يكون فهم البعض لهذه الحرية مطاطيًّا، بحيث يتم مهاجمة الأشخاص لا الممارسات، وهنا تفقد حرية التعبير ديمقراطيتها، وتسقط الأقنعة. ليتم تهميش دور الصحافة بسبب بعض الممارسات الخاطئة من قِبل بعض منتسبيها، الذين يعتقدون بحرية الصحافة من منظورهم ضيق الأفق، والممتد من التعصب والعنصرية الفجّة.

4. اكتشاف الحقيقة:
من الأهمية بمكان أن تكون الصحافة عالية الجودة، قادرة على طرح الأسئلة الصعبة، ومتابعة القصص الجاذبة، والاستعلام عن التناقضات، وإعداد تقارير دقيقة حول القضايا. يكون ذلك من خلال تكريس الوقت والطاقة والمهارة لاكتشاف ما يحدث في العالم من حولنا. يمكن للصحافة الحرة أن تنقل المعلومات المهمة الدقيقة -ذات الأهمية الكبرى لمناقشتها- إلى الساحة العامة. كما يجب تشكيل القيم المشتركة والتأثير على السياسات على المستويات المحلية والوطنية والدولية. إن الصحافة الاستقصائية هي واحدة من أكثر الطرق التي توجه الجمهور لتبادل المعلومات الجديدة. تدعم حرية التعبير وتحمي قدرة الصحافة على البحث وتقديم التقارير بحرية للصالح العام.

5. يمكن للصحافة المستقلة أن تحاسب المصالح القوية:
تلقي التقارير المستقلة الضوء على الموضوعات المخفية أحيانًا، وتوفر الضوابط والتوازنات الحاسمة للأشخاص والمؤسسات القوية. على الرغم من أن الصحافة الدقيقة ليست دائمًا جاذبة للجمهور، إلا أنه من الضروري محاسبة السلطات ومن يمثلها، وذلك لخلق التدقيق لتثبيط الفساد أو انتهاكات حقوق الإنسان. يمكن للحقائق التي تكشف عنها الصحافة الاستقصائية عالية الجودة أن تطيح بالحكومات، وتغير السياسات الدولية، وتحسن معايير حقوق الإنسان على الصعيد الدولي. تضمن وسائل الإعلام القوية والمستقلة الشفافية، وتساعد في الحد من سوء الإدارة. تحمي حرية التعبير حقوق المراسلين والمدونين والمنافذ الإخبارية - وعامة الناس - للتحدث بشكل نقدي.

 كما علينا أن ندرك الحقوق التي تشتمل عليها حرية الصحافة، وهي:
1. للإنسان حق سواء كان مواطنًا أو صحفيًّا في أن يطلع على المعلومات في جميع المجالات.
2. حق التعبير عن الرأي مكفول سواء كان للمواطنين وللمجتمع المدني بكافة منتسبيه، ويشمل التعبير عن الآراء والإنجازات.
3. حق الحصول على المعلومات والأخبار من مصادرها، وتحليلها، وتفسيرها، ونشرها،والحق في التعليق عليها.
4. الحق في عدم إفصاح مصادر المعلومات والإبقاء على سريتها من قبل الصحفيين.

وحتى يمكن إلزام الدولة بحماية حرية الصحافة وحرية الرأي، تم وضع معايير تعمل على كشف هذا الالتزام وهي: 
1. لأعضاء الأحزاب المعارضة للحكومات الحق في التعبير عن آرائهم ونشرها في كافة وسائل الإعلام الحكومية خاصة أوقات الانتخابات وبكافة أنواعها. 
2. تلتزم الحكومات بإفساح المجال للأفراد للحصول على المعلومات من كافة مصادرها وخاصة التي لها علاقة بالشأن العام، وعليها تسهيل نشرها. 
3. على الدولة الالتزام بحماية الحريات العلمية والتعليمية والأدبية والفنية وغيرها من حريات. 
4. للأفراد الحق بإنشاء الإذاعات والمحطات التلفزيونية والصحف اليومية ضمن القوانين التي تقرها الدولة ووزارتها. 
5. تُلزم الدولة بتعددية وسائل الإعلام والصحافة ، وعلى الحكومات والسلطات السياسية التجاوب مع الصحافة الحرة المستقلة وحريتها. 
6. الالتزام بالقواعد الدستورية والنصوص القانونية المختصة بحرية الصحافة، واتباع المواثيق الدولية ومراقبة تنفيذ قوانين الحريات.