كان معلم الرياضيات في المدرسة دائماً يقول إن الرياضيات في كل أمر من أمور الحياة وكشخصٍ يكره الرياضيات حتى النخاع حاولت الهروب منه بدخول تخصص الطب ودراسته بالجامعة ولكن لا يمكن تصديق العلاقة الوثيقة بين الإحصاء والطب التي قمت باكتشافها، ولا يمكنك القيام بتخيل حجم المساهمة في التقدم الطبي التي قام وما يزال يقوم بها الإحصاء إلى يومنا هذا وبالمستقبل.
حيث يستخدم الإحصاء في الطب في دراسة معدل حدوث الأمراض ومعدل النجاة منها والوفيات، كما يدرس معدل انتشارها وسرعنه، فانظر إلى مرض كرورنا المستجد على سبيل المثال، وهو أبسط مثال على علاقة الطب بالإحصاء وتراه بشكل يومي تقريباً، حيث تقوم الجهات الرسمية بالإعلان عن عدد الحالات وعدد الوفيات ونسبة الوفيات من نسبة النجاة وبهذه الأخيرة يتم حساب مدى فتك المرض أو السلالة المتواجدة في بلد معين كمثال.
كما يستخدم الإحصاء في الدراسات والبحوث الطبية، فلولاه لما علمنا أن مرض السكري يزيد من نسبة الإصابة بالأمراض القلبية، حيث يتم استخدام الإحصاء في الدراسات في محاولة البحث عن عوامل الخطر الخاصة بالأمراض، حيث يتم دراسة مجموع من الأفراد ويتم المقاربة بين جميع الظروف الصحية الأخرى بينهم ودراسة عامل يعتقد الباحثون أنه ذو تأثير وعلى ذلك حسب القراءات التي تظهر معهم يقومون بتحديد مدى احتمالية كون الأمر الذي يتم دراسته مؤثراً بالمرض من عدمه، ولا يتم الدراسة بهذه الطريقة على عوامل الخطر فقط، بل يستخدم الإحصاء في بحث مدى فعالية الطرق العلاجية للأمراض، مثل استخدام طريقة جراحية أو دواء أو تقنية علاجية لمرض معين، من خلال القيام بالطرق التي يتم دراستها على مجموعة من الأفراد، والقيام بالطرق التقليدية في العلاج على مجموعة أخرى ومن خلال الأرقام التي تظهر من الدراسة يتم حساب مدى فعالية استخدام العلاج الجديد في علاج الأمراض، وبالتالي تطبيقها في حال كونها طرقاً أفضل، أو تركها والالتزام بالطرق القديمة أو البحث بطرق أخرى علاجية أكثر فائدة.
كما أنه يقوم بالمقارنة بين الطرق العلاجية المستخدمة وتؤدي الغرض، ولكنه يقوم بالمقارنة بين بعضها البعض، ووالبحثفي الوقت الذي يحتاجه المريض للتعافي من المرض باتباع كل منها، والأعراض الجانبية لكل طريقة علاجية، ومدى الفائدة العلاجية التي يمكن للمريض أخذها والكلفة المادية على المريض، ومثال ذلك المقارنة بين عمليات استئصال الزائدة الدودية باستخدام المنظار واستئصال الزائدة الدودية باستخدام الجراحة التقليدية من خلال فتح البطن وإزالتها، وتبين أن كل منهما يؤدي لنفس النتيجة، ولكن الجراحة بالمنظار يقلل من فترة تواجد المريض بالمسفى ومدة تعرضه لأدوية التخدير والمضاعفات التي قد تحدث بسبب هذا النوع من الجراحات مثل العدوى والنزيف، وبالتالي تم الخروج بأن الجراحة بالمنظار تؤدي لنفس القيمة العلاجية ولكنها أقل خطراً على المريض.
كما يتم دراسة الأعراض الجانبية للعلاجات الدوائية من خلال الإحصاء حيث يتم إعطاء دواء تجريبي وآخر مزيف لمجموعة من الناس ومن ثم مراقبة ظهور أي أعراض جانبية وتحديد نسبتها، وبالتالي معرفة مدى فائدة الدواء من ضرره وتحديد ما إذا كان من الآمن استخدامه على البشر أم لا، كما يمكن للإحصاء دراسة الأعراض الجانبية طويلة المدى للأدوية أو العلاجات الطبية، وفي حال تسببها بأعراض جانبية خطيرةٍ طويلة المدى يمكن القيام بسحبها من الأسواق أو عدم اعتمادها بالعلاج مرة أخرى مثل بعض العلاجات الهرمونية القديمة التي كانت تسبب سرطان الرحم والثدي.
بل يستخدم الإحصاء من قبل الدوائر الحكومية الطبية والمستشفيات في دراسة الكلفة الاقتصادية لأحد العلاجات ومقارنتها بمدى الفائدة المرجوة المستقبلية، والبحث عن أفضل علاج بأقل كلفة ممكنة، وبذلك يمكن القيام بتوزيع العلاج على أكبر قدر ممكن من الأفراد نتيجة توفير الجانب الاقتصادي للقيام بذلك.
وأستطيع سرد الكثير والكثير من الأمثلة التي يستخدم بها الإحصاء بالطب، ولكن أعتقد أن ما تم القيام بشرحه كافٍ لتصل لك المعلومة، وبعد كل هذا اكتشفت ما كان يقصد معلمي بكلامه فالرياضيات والإحصاء في كل مكان.
ويمكنك القراءة عن تطبيقات الإحصاء بالمجال الطبي من خلال القيام بالنقر على الرابط
التالي.
المصادر المرجعية: