ورد في الحديث النبوي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج - وهو القتل - وحتى يكثر فيكم المال فيفيض)رواه البخاري
ومن هنا يتضح أن "كثرة الزلازل" من أشراط الساعة الصغرى التي ظهرت بدايتها ولا تزال تتابع وتكثر حتى تستحكم وحتى يطلق على بعض الأوقات "سنوات الزلازل"
وقد دل هذا الحديث على عدة فوائد:الأولى: أن من أشراط الساعة الصغرى هي كثرة الزلازل والتي بأت بالظهور ولا تزال تتابع وتكثر حتى تستحكم. الثانية: كثرة المعاصي وتفشي المنكرات والزنا وقبض العلم وظهور الفتن والقتل ترتبط بالتنبأ إلى وقت تكاثر الزلازل ثالثا :أن المراد بكثرة الزلازل هو أن يتوافر فيها صفتان:
1- الشمول، أي أنها تشمل جميع أرجاء الأرض.
2- الاستمرار والدوام.: وهو تقارب ما بين الزلازل بحيث تكون على مدار العام،
قال الحافظ ابن حجر: "قد وقع في كثير من البلاد الشمالية والشرقية والغربية كثير من الزلازل، ولكن الذي يظهر أن المراد بكثرتها: شمولها، ودوامها"
وقد ورد بأن كتب التاريخ الإسلامي سجلت لنا كثير من الزلازل التي وقعت في بلاد العالم مع الوصف التفصيلي لما حدث من هدم وخراب وهلاك..
- فقد جاءت عددٌ من الأحاديث الصحيحة عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- تبيّن أن كثرة الزلازل في آخر الزمان ستكون علامةً واضحةً وبرهاناً ظاهراً على قرب قيام الساعة قرباً شديداً
- عن سلمة بن نفيل السكوني رضي الله عنه قال كنا جلوسا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (بين يدي الساعة مَوَتانٌ شديد، وبعده سنوات الزلازل) رواه أحمد،
والموتان: كثرة الموت وانتشاره.
- كما ورد عن عبد الله بن حوالة الأزدي رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان عنده فخاطبه قائلاً: (يا ابن حوالة، إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة فقد دنت الزلازل والبلايا والأمور العظام، والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من يدي هذه من رأسك) رواه البخاري.
- وقد بيّن الإمام ابن رجب الحنبلي بعد هذا التفسير عن الصواب فقال: "وأما كثرة الزلازل، فهو مقصود البخاري في هذا الباب من الحديث، والظاهر: أنه حمله على الزلازل المحسوسة، وهي ارتجاف الأرض وتحركها، ويمكن حمله على الزلازل المعنوية، وهي كثرة الفتن المزعجة الموجبة لارتجاف القلوب، والأول أظهر؛ لأن هذا يغني عنه ذكر ظهور الفتن" وقول الإمام يتوافق مع سياق الأحاديث التي فصلت بين الحديث عن الفتن وعن الزلازل، ثم إن منهج العلماء أن يبقى اللفظ على معناه الظاهر دون صرفه إلى معنىً غيره من غير قرينةٍ تسوّغ لنا ذلك.
- وليست المسألة متعلّقةً بمجرّد حدوث الزلازل، فيجب أن تشتمل على شمول جميع الأرض وتبقى دائمة فالتاريخ يشهد بحدوثها على فترات من الزمن،
يقول الحافظ ابن حجر في الفتح: "وقد وقع في كثير من البلاد الشمالية والشرقية والغربية كثير من الزلازل، ولكن الذي يظهر أن المراد بكثرتها: شمولها ودوامها".
- وينبغي أن نعلم بأن ظهور الآيات والزلازل وعيد وتخويفٌ من الله تعالى لأهل الأرض، كما قال سبحانه: {وما نرسل بالآيات إلا تخويفا} سورة الإسراء آية : 59
ويُراد من هذه الفتن والإبتلاءات التنبيه والتذكير بعواقب الذنوب، وضرورة الإسراع إلى التوبة واللجوء إلى الله تعالى، وهذا يكمن في تمحيص أهل الإيمان وابتلائهم، والغضب على أهل العصيان ومعاقبتهم،
- ولذا نجد الربط بين أنواع العذاب وأعمال العباد في مثل قوله تعالى: {فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} سورة العنكبوت آية :40،
-وقد ربط بين تكفير النوب والمعاصي وبين البلاء في قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: (ما يصيب المسلم، من نصب ولا وَصب، ولا همّ ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفّر الله بها من خطاياه) متفق عليه
والله أعلم