بسم الله والصلاة على رسول الله
تاليًا نص الحديث الرابع من الأربعون النووية:
"حَدَّثَنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -وهو الصَّادِقُ المَصْدُوقُ- قالَ: إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَكونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فيُؤْمَرُ بأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، ويُقَالُ له: اكْتُبْ عَمَلَهُ، ورِزْقَهُ، وأَجَلَهُ، وشَقِيٌّ أوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فيه الرُّوحُ،
فإنَّ الرَّجُلَ مِنكُم لَيَعْمَلُ حتَّى ما يَكونُ بيْنَهُ وبيْنَ الجَنَّةِ إلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عليه كِتَابُهُ، فَيَعْمَلُ بعَمَلِ أهْلِ النَّارِ، ويَعْمَلُ حتَّى ما يَكونُ بيْنَهُ وبيْنَ النَّارِ إلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عليه الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ."
الشرح
إن الإنسان في مرحلة الجنين يمر في أربعة أطوار، وهي اجتماع النطفة مع البويضة في الرحم والإخصاب لمدة 40 يوماً، ثم تحول النطفة إلى قطعة من الدم الجامد، وتتعلق أو تلتصق بالرحم لمدة 40 يوماً، ثم تليها 40 يومًا تتحول قطعة الدم (العلقة) إلى قطعة لحم صغيرة (المضغة)
وأخيرًا الطور الرابع وهو بدء تشكل الجنين على هيئته، وتخلقه ونفخ الروح فيه، وعند بدء المرحلة الرابعة يتم الجنين شهره الرابع يرسل الله -عز وجل- الملك الموكل بالأرحام، فيكتب أعمال هذا الإنسان منذ ولادته وحتى مماته، وتكتب أيضًا عاقبته هل هو من أهل الشقاء أم من أهل السعادة، ويقصد هنا شقاء وسعادة الآخرة.
إذ أعقب -عليه الصلاة والسلام- أن المرء يعمل بعمل أهل الجنة، ولا يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخلها كما سبق عليه القدر المكتوب في بطن أمه، وكذلك الجانب الآخر، إذ يعمل المرء بعمل أهل النار، ولكن يسبق عليه قدره، فيعمل بعمل أهل الجنة قبل دنو أجله فيدخل الجنة.
إن القدر من علم الغيب لا يطلع عليه أحد، فلا يجب أن يكون هذا الحديث مدعاة لكثرة الأمل بأن تكون العاقبة خيراً دون عمل، ولا يكون مدعاة للقنوط والبعد عن العبادة للخوف من عاقبة السوء، فعلى المسلم أن يحسن الظن بالله، وأن يعمل لآخرته، والله أعلم