ما درجة صحة حديث (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله...)

 عَنْ عُمَرَ رضْي اللهُ عنه قال: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: «لو أنَّكُمْ تَتَوكَّلُونَ علَى اللهِ حقَّ توكُّله لرزقَكم كما يرْزقُ الطَّيرَ، تغدوا خِماصًا وتَرُوحُ بِطانًا» أخرجه الترمذي (2344)، وابن ماجه (4164)، وأحمد (205) واللفظ له.

ويختلف الحكم على درجة صحة هذا الحديث حسب اجتهادات المحدّثين، فذكره ابن حبّان في (المقاصد الحسنة، 402)، وقال حديث صحيح، وذكره البغوي في (شرح السنّة، 7/328)، وقال حديث حسن، وذكره الوادعي في (الصحيح المسند، 994)، وقال حديث حسن لغيره، وغيرهم من المحدثين.

 معنى الحديث

حثّت الشريعة الإسلامية الإنسان على التوكل والاستعانة بالله تعالى في شتى أمور الحياة، قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) سورة الملك، الآية 15


وقوله تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) سورة الطلاق الآية 2-3 


لذا، فإن الواجب على كل مسلم أن يثق بأن الله تعالى بيده رزق العباد، وأنه سبحانه قدّر لكل إنسان في هذه الحياة كسبه ورزقه ولا يملك هذا أحد إلّا الله، والذي يملكه الإنسان هو تحقيق معنى التوكل على الله وصدق السعي في طلب الرزق، كالطير التي تذهب بكرةً في أول النهار "خِماصًا" أي جياعًا فارغة البطون، "وتروحُ" بطانًا، أي تعود من سعيها لكسب الرزق مليئة البطون، لأنها سعت لكسب رزقها دون تواكل وتكاسل عن ذلك، فدبّر الله لها أمر رزقها بصدق توكّلها على خالقها.