ذهاب المسلم إلى الكنيسة وزيارتها لها حالتان :
الحالة الأولى : ألا يرافق تلك الزيارة منكر معين ، ككون الزيارة أثناء صلاتهم أو في يوم عيدهم ، أو يطلب من الزائر طقوس معينة أثناء الدخول تخالف الشريعة الإسلامية ، أو كون المقصد منها غير شرعي كإقرارهم على دينهم والرضا بفعلهم أو مشاركتهم في طقوسهم .
فمتى سلم الزائر للكنيسة من المنكر ، وكانت زيارة مجردة للاطلاع والمعرفة أو لحاجة معينة ، ولا يخشى على الزائر الافتتان بهم لأنه على يقين من دينه ، فمثل هذه الحالة اختلف العلماء في حكمها على ثلاثة أقوال :
- القول الأول : التحريم مطلقا وهو قول الحنفية ، حيث ذكروا أن دخول الكنيسة مكروه كراهة تحريمية لأن الكنيسة مأوى للشياطين لأنها يشرك فيها بالله ويدعى له الولد .
وقريب من هذا القول قول الشافعية الذين حرموا دخول الكنائس التي فيها صور أو تماثيل ذوات الأرواح ، وذلك لحرمة التصوير والتماثيل كما هو معلوم ، ولأن النبي عليه السلام لما دخل الكعبة ووجد صور لإبراهيم وإسماعيل وهما يستقسمان بالأزلام طمس تلك الصور .
ومن المعلوم أن جميع الكنائس اليوم فيها صور وتماثيل لعيسى عليه السلام أو أمه مريم عليها السلام ، وبالتالي يحرم دخولها على قول الشافعية أيضا .
- القول الثاني : هو الكراهة ، وهو قول عند الحنابلة عليه كثير منهم كما ذكر ابن تيمية رحمه الله واختاره خاصة إذا كان في الكنيسة صور وتماثيل .
وعللوا الكراهة بوجود الصور التي فيها ، ولكن قالوا أن وجود الصور لا يمنع دخول المكان التي فيها ، ولكن يكره لخروج الملائكة من ذلك المكان وحضور الشيطان .
وروي عن عمر رضي الله عنه أنه لما زار الشام ودعوه إلى زيارة كنائسهم قال ( إنا لا ندخل كنائسكم لأجل الصور التي فيها ) .
- القول الثالث : هو إباحة الدخول متى خلت الزيارة من منكرات ، ورجح هذا القول ابن قدامة رحمه الله وهو من كبار علماء الحنابلة وابن حزم الظاهري رحمه الله .
واستدلوا على ذلك بأدلة منها أن عمر اشترط على أهل الذمة لما فتح بيت المقدس أن يضيفوا المسلمين في كنائسهم متى احتاجوا ذلك في سفرهم ، فدل ذلك على جواز دخول المسلمين لها والبيات فيها .
والراجح - والله أعلم - أن الزيارة متى خلت من منكرات وكان هناك حاجة لها أو مصلحة منها كمناظرتهم أو إيصال رسالة لهم أو لم يجد مبيتا في غيرها فهي مباحة لوجود المصلحة والحاجة ، أما إن كانت لمجرد السياحة والنظر فهي مكروهة لأنها أماكن يعصى فيها الله ويخشى أن يكون في ذلك نوع إقرار لهم على دينهم ومداهنة فيه ، لكن لا يبلغ الأمر التحريم لعدم وجود نص مانع صراحة .
الحالة الثانية : أن يرافق الزيارة منكر معين مثل زيارتهم أثناء عيدهم أو وقت صلاتهم ، أو يفرض على الزائر لبس معين هو من دينهم ، أو يكون المقصد إقرارهم على دينهم وإظهار الرضا به ، فتحرم الزيارة إجماعا في هذه الحالة ، بل قد تكون كبيرة من الكبائر ، وقد تصل بصاحبها إلى الشرك والعياذ بالله كما إذا شاركهم في عبادتهم .
قال عمر رضي الله عنه : "لا تدخلوا عليهم في كنائسهم يوم عيدهم، فإن السخطة تنزل عليهم".
والله أعلم