قطع الخبز بالسكين مباح لا بأس به ولا محذور فيه ، فلا نص بالكراهة ولا السنية في ذلك ، وإنما يرجع في ذلك إلى المصلحة والمنفعة من ذلك ، فإن كان تقطيع الخبز أولى والسكين أمضى وأحفظ للخبز وأبعد عن تفتته وتكسره فاستخدام السكين أولى ، و إن كان بقاؤه على حاله أفضل وأحفظ له أو أن استخدام السكين قد يفسد شيئا معينا فتركها أولى ، فالأصل الإباحة ثم الأولوية والأفضلية يرجع فيها إلى المصلحة المترتبة في حينها .
والحديث المروي في كراهة قطع الخبز واللحم بالسكين موضوع مكذوب لا أصل له كما ذكر العجلوني رحمه الله في كتاب كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس ، حيث أورد حديث:" لا تقطعوا الخبز واللحم بالسكين كما تقطع الأعاجم، أو كما تفعل الأعاجم، ولكن انهشوه نهشًا "
ثم قال عقبه : " قال الصغاني : موضوع " .
و بعض العلماء ذكر كراهة قطع الخبز بالسكين إما أدبا ، وإما لأنه لم يرو عن النبي عليه السلام فعل ذلك ، و رأوا في ذلك نوع ترفه زائد الاولى تركه الا للحاجة .
وهذا الاجتهاد من العلماء ليس له دليل شرعي يسنده لذلك لا يعول عليه كثيرا خاصة أن الكراهة بحاجة إلى دليل شرعي يدل عليه .
وقد نقل عن العلاء الترجماني وهو من علماء الحنفية القول بالكراهة كما ذكر ابن عابدين رحمه الله وغيره من علماء الحنفية ، لكن المعتمد عن الحنفية هو عدم الكراهة سواء للخبز أو اللحم .
وابن الحاج من المالكية قال بالكراهة أيضا كما في كتابه المدخل ، حيث قال " تكسير الخبز بالسكين بدعة مكروهة وفيه انتهاك لحرمة الخبز،
وكذلك لا يعض في الخبز حين الأكل، ولا ينهشه بخلاف اللحم؛ لأن السنة المحمدية قد فرقت بينهما فجعلت العض والنهش في اللحم دون الخبز " .
وقوله أنه بدعة مكروهة فيه مبالغة لا يتابع عليها ، وقوله ان فيه انتهاك لحرمة لخبز يشير لما روي في الحديث ( أكرموا الخبز ) ، لكن قطعه بالسكين لا انتهاك فيه على الصحيح .
أما ابن مفلح من الحنابلة فإنه لم يعتمد الكراهة لكن أشار أن أولى تركها عند عدم الحاجة حيث قال في كتابه الآداب الشرعية ( وَأَمَّا تَقْطِيعُ الْخُبْزِ بِالسِّكِّينِ فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ كَلَامًا وَيُتَوَجَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ لِحَاجَةٍ وَإِلَّا احْتَمَلَ أَنْ يُكْرَهَ؛ لِعَدَمِ نَقْلِهِ وَفِعْلِهِ شَرْعًا بِخِلَافِ اللَّحْمِ وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنَّ تَرْكَهُ أَوْلَى فَقَطْ وَهُوَ نَظِيرُ الْأَكْلِ عَلَى الْخِوَانِ ).
ثم ذكر رحمه الله أن الحديث المروي في الكراهة لا أصل له .
نقل العيني في عمدة القاري عن ابن حزم رحمه الله " قَالَ ابْن حزم : وَقطع اللَّحْم بالسكين للْأَكْل حسن ، وَلَا يكره أَيْضا قطع الْخبز بالسكين ؛ إِذْ لم يَأْتِ نهي صَرِيح عَن قطع الْخبز وَغَيره بالسكين"
والله أعلم