يجوز ذلك بشروط:
1. عدم وجود مصارف إسلامية، لأنه إذا وجدت المصارف الإسلامية فلا حاجة إلى إيداع الأموال في البنوك الربوية.
2. الحاجة إلى ذلك حاجة حقيقية، كوجود مبالغ تخشى عليها الضياع أو الحاجة إلى إجراء عمليات تحويل أو نقل أموال ، أو دفع لبعض الأمور لا يمكن إلا من خلال البنوك.
3. أن يكون الحساب جارياً وليس حساباً استثمارياً، لأن الضرورة تقدر بقدرها، والحساب الجاري كافٍ لتحقيق المصالح المطلوبة ولا يتقاضى عليه صاحبه فوائد ربوية في الأصل، بينما الحساب الاستثماري مقصده تنمية المال وتثميره ولا يجوز بهذه الطريقة مطلقاً.
فلا يجوز لك تنمية الأموال الخيرية التي تبرع بها أصحابها لوجه الله بالربا المحرم، فهذا مناقض لمقصود هذه الأموال أصلاً.
والأصل أن الإيداع وفتح الحسابات في المصارف الربوية محرم سواء كان في الدول الإسلامية أو غير الإسلامية، وسواء كان ذلك أموالاً خيرية أو أموالاً شخصية أو تجارية، وسواء كان في حساب جارٍ أو حساب استثماري.
والسبب في ذلك أن فتح الحسابات في البنوك - المصارف - الربوية ثلاثة محاذير:
1. إقرار هذه البنوك على معصيتها وكبيرتها التي تمارسها وهي الربا، بينما الواجب هو إنكار هذه المعصية بهجران هذه البنوك على الأقل ومقاطعتها وعدم التعامل معها، وهذا من إنكار القلب وهو أقل درجات الإنكار.
وفتح حسابات فيها فيه إقرار لها ولموظفيها على معصيتهم، فهم يقولون لولا أن فعلنا جائز أو مطلوب لا غنى لهم عنه لما لجأ إلينا.
2. أنك تعينهم على معصيتهم ومنكرهم لأنهم يستخدمون أموال الودائع المودعة عندهم في أعمالهم وأنشطتهم الربوية، فيقرضونها سواء للأفراد والمؤسسات بالربا، ولو بقيت الوديعة عندهم ليلة واحدة فإنهم يستفيدون منها من خلال عمليات الإقراض والاقتراض مع البنوك المركزية.
والله تعالى قال" وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان".
3. أنه قد يترتب على فتح حساب جارْ دفعك لفوائد ربوية وذلك في حال انكشاف الحساب لأي سبب من الأسباب، فهذا من شروط فتح الحسابات الجارية، فتكون قد دفعت الفائدة الربوية في هذه الحال.
ولكن في حال عدم وجود البنك الإسلامي في بلدك وهذا مظنته في غير بلاد المسلمين كثير كأوروبا وأمريكا ، ومع وجود الحاجة إلى توفر حساب بنكي تستقبل عليه التبرعات أو يجري التحويل للمستحقين عن طريقه بحيث يشق في زمننا الاستغناء عنه، فإن مثل هذه الحاجة أفتى المعاصرون أنها تبيح فتح حسابات في بنوك ربوية، للحاجة الملحة ولكن هذه تقيد بقدرها فلا يتوسع فيها وذلك من خلال الالتزام بالشروط التي ذكرناها.
ثم لو وجد بنك إسلامي لاحقاً وأمكن فتح حساب فيه فإنه يلزم التحول نحو هذه البنك وإغلاق الحساب في البنك الربوي لانتفاء الحاجة.
وأنبهك إلى مسألة أخرى أيضاً وهو الحرص على عدم ترك الأموال مخزنة في تلك الحسابات وإنما يتم سحبها أولاً بأول والدفع منها للمستحقين أو سحب التبرعات وحفظها عند أحدهم ولذلك لمصلحتين:
1. عدم تمكين البنوك الربوية من الاستفادة منها قدر الإمكان ، فيكون الحساب كأنه وسيط للاستقبال والسحب فقط.
2. أنك لا تأمن على أموالك في بنوكهم أن يصادروها لأي سبب من الأسباب وتحت أي حجة فتضيع أموال التبرعات على دافعيها ومستحقيها كما نرى ذلك في بعض الدول الغربية.