ما حكم إيداع الأموال الخيرية في بنوك ربوية في دول غير إسلامية؟

2 إجابات
profile/دمحمد-الطويل-1
د.محمد الطويل
الفقه وأصوله
.
١٩ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
يجوز ذلك بشروط:

1. عدم وجود مصارف إسلامية،
لأنه إذا وجدت المصارف الإسلامية فلا حاجة إلى إيداع الأموال في البنوك الربوية.

2. الحاجة إلى ذلك حاجة حقيقية،
كوجود مبالغ تخشى عليها الضياع أو الحاجة إلى إجراء عمليات تحويل أو نقل أموال ، أو دفع لبعض الأمور لا يمكن إلا من خلال البنوك.

3. أن يكون الحساب جارياً وليس حساباً استثمارياً،
لأن الضرورة تقدر بقدرها، والحساب الجاري كافٍ لتحقيق المصالح المطلوبة ولا يتقاضى عليه صاحبه فوائد ربوية في الأصل، بينما الحساب الاستثماري مقصده تنمية المال وتثميره ولا يجوز بهذه الطريقة مطلقاً.

فلا يجوز لك تنمية الأموال الخيرية التي تبرع بها أصحابها لوجه الله بالربا المحرم، فهذا مناقض لمقصود هذه الأموال أصلاً.

والأصل أن الإيداع وفتح الحسابات في المصارف الربوية محرم سواء كان في الدول الإسلامية أو غير الإسلامية، وسواء كان ذلك أموالاً خيرية أو أموالاً شخصية أو تجارية، وسواء كان في حساب جارٍ أو حساب استثماري.

والسبب في ذلك أن فتح الحسابات في البنوك - المصارف - الربوية ثلاثة محاذير:

1. إقرار هذه البنوك على معصيتها وكبيرتها التي تمارسها وهي الربا، بينما الواجب هو إنكار هذه المعصية بهجران هذه البنوك على الأقل ومقاطعتها وعدم التعامل معها، وهذا من إنكار القلب وهو أقل درجات الإنكار.
وفتح حسابات فيها فيه إقرار لها ولموظفيها على معصيتهم، فهم يقولون لولا أن فعلنا جائز أو مطلوب لا غنى لهم عنه لما لجأ إلينا.

2. أنك تعينهم على معصيتهم ومنكرهم لأنهم يستخدمون أموال الودائع المودعة عندهم في أعمالهم وأنشطتهم الربوية، فيقرضونها سواء للأفراد والمؤسسات بالربا، ولو بقيت الوديعة عندهم ليلة واحدة فإنهم يستفيدون منها من خلال عمليات الإقراض والاقتراض مع البنوك المركزية.

والله تعالى قال" وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان".

3. أنه قد يترتب على فتح حساب جارْ دفعك لفوائد ربوية وذلك في حال انكشاف الحساب لأي سبب من الأسباب، فهذا من شروط فتح الحسابات الجارية، فتكون قد دفعت الفائدة الربوية في هذه الحال.

ولكن في حال عدم وجود البنك الإسلامي في بلدك وهذا مظنته في غير بلاد المسلمين كثير كأوروبا وأمريكا ، ومع وجود الحاجة إلى توفر حساب بنكي تستقبل عليه التبرعات أو يجري التحويل للمستحقين عن طريقه بحيث يشق في زمننا الاستغناء عنه، فإن مثل هذه الحاجة أفتى المعاصرون أنها تبيح فتح حسابات في بنوك ربوية، للحاجة الملحة ولكن هذه تقيد بقدرها فلا يتوسع فيها وذلك من خلال الالتزام بالشروط التي ذكرناها.

ثم لو وجد بنك إسلامي لاحقاً وأمكن فتح حساب فيه فإنه يلزم التحول نحو هذه البنك وإغلاق الحساب في البنك الربوي لانتفاء الحاجة.

وأنبهك إلى مسألة أخرى أيضاً وهو الحرص على عدم ترك الأموال مخزنة في تلك الحسابات وإنما يتم سحبها أولاً بأول والدفع منها للمستحقين أو سحب التبرعات وحفظها عند أحدهم ولذلك لمصلحتين:
1. عدم تمكين البنوك الربوية من الاستفادة منها قدر الإمكان ، فيكون الحساب كأنه وسيط للاستقبال والسحب فقط.
2. أنك لا تأمن على أموالك في بنوكهم أن يصادروها لأي سبب من الأسباب وتحت أي حجة فتضيع أموال التبرعات على دافعيها ومستحقيها كما نرى ذلك في بعض الدول الغربية.

profile/د-محمد-ابراهيم-ابو-مسامح
د. محمد ابراهيم ابو مسامح
ماجستير في التربية والدراسات الاسلامية
.
٠٨ أبريل ٢٠٢١
قبل ٤ سنوات
 يجوز ذلك ضمن ضوابط وشروط هي:

أولاً: إذا كنت تعيش في بلاد غير إسلامية ويصعب تحويل أموالك إلى أهلك أو إلى بلدك أو إلى أي بلد إسلامي آخر.

ثانياً: إذا خشيت على أموالك من السرقة أو الضياع أو التلف إذا بقيت معك.

ثالثاً: إذا لم يتوفر في تلك البلاد إلا المصارف الربوية.

رابعاً: أن تضعها بدون فائدة ربوية.

 - وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: إيداع المال في المصارف التي تتعامل بالربا لا يجوز، وإن لم يؤخذ عليها فائدة؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} إلا إذا خاف المسلم على ماله الضياع، ولم يجد سبيلا إلى حفظه إلا إيداعه في بنك ربوي؛ فيرخص له في ذلك بلا فائدة على هذه الوديعة؛ ارتكابا لأخف الضررين، وتفاديا من أشدهما.

- وقال ابن عثيمين رحمه الله: إذا احتجت إلى أن تفتح حساباً في بنك ربوي، فلا بأس، وإن لم تحتج إلى ذلك، فلا تفتح.

- والربا محرم سواء كان في بلاد الإسلام أم في بلاد الكفر، فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه حرام في دار الحرب كحرمته في دار الإسلام، فما كان حراماً في دار الإسلام كان حراماً في دار الحرب، سواء بين المسلمين وبين أهل الحرب، أو بين مسلمين لم يهاجرا من دار الحرب، وإن النصوص في تحريم الربا عامة، ولم تفرق بين دار ودار، ولا بين مسلم وغيره وهذا هو الموافق لما علم في الإسلام من العدل في المعاملات مع الكفار والوفاء.

- وقال أبو حنيفة ومحمد: لا يحرم الربا في دار الحرب بين المسلم وأهل الحرب، ولا بين مسلمين لم يهاجرا من دار الحرب، واحتجوا بالحديث: لا ربا بين المسلم والحربي في دار الحرب.
- ولكن هذا الحديث غريب ليس له أصل مسند.

- وقال الإمام النووي في كتابه المجموع شرح المهذب: ولا فرق في تحريمه بين دار الإسلام ودار الحرب، فما كان حراماً في دار الإسلام كان حراماً في دار الحرب، سواء جرى بين مسلمين أو مسلم وحربي، سواء دخلها المسلم بسلام أم بغيره هذا مذهبنا، وبه قال مالك وأحمد وأبو يوسف والجمهور.

-وقال أبو حنيفة: لا يحرم الربا في دار الحرب بين المسلم وأهل الحرب، ولا بين مسلمين لم يهاجرا منها، وإذا باع مسلم لحربي في دار الحرب درهما بدرهمين أو أسلم رجلان فيها ولم يهاجرا فتبايعا درهما بدرهمين جاز، واحتج له بما روى عن مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ربا بين مسلم وحربي في دار الحرب ولأن أموال أهل الحرب مباحة بغير عقد، فالعقد الفاسد أولى.

- واحتج أصحابنا بعموم القرآن والسنة في تحريم الربا من غير فرق، ولأن ما كان ربا في دار الإسلام كان ربا محرما في دار الحرب، كما لو تبايعه مسلمان مهاجران، وكما لو تبايعه مسلم وحربي في دار الإسلام، ولأن ما حرم في دار الإسلام حرم هناك، كالخمر وسائر المعاصي، ولأنه عقد على ما لا يجوز في دار الإسلام، فلم يصح كالنكاح الفاسد هناك.

والجواب: عن حديث مكحول أنه مرسل ضعيف فلا حجة فيه، ولو صح لتأولنا على أن معناه لا يباح الربا في دار الحرب جمعاً بين الأدلة.
- وأما: قولهم: إن أموال الحربي مباحة بلا عقد، فلا نسلم هذه الدعوى إن دخلها المسلم بسلام، فإن دخلها بغير أمان فالعلة منتقضة كما إذا دخل الحربي دار الإسلام فبايعه المسلم فيها درهما بدرهمين، وأنه لا يلزم من كون أموالهم تباع بالاغتنام استباحتها بالعقد الفاسد ولهذا تباح أيضاً على نسائهم بالسبي دون العقد الفاسد.

- وينطبق ما سبق على المال الخاص وعلى المال الخيري، أما إذا كنت في دولة قوانينها تجبر على وضع المال الخيري في البنك، ولا يوجد في ذلك البلد مصارف إسلامية - فعندها لا حرج عليك أو على الجهة المسؤولة عن ذلك المال في وضعه في بنك ربوي - ولكن ممكن أن اشترطوا عليه أن يكون بدون فائدة - وإذا كان لا بد من وجود الفائدة فتأخذوها وتبنوا بها مدارس أو مستشفيات أما بناء المساجد فلا يجوز إلا من مال حلال.

والله تعالى أعلم.